(الأصل السابع : أنه تعالى ليس مختصا بجهة) (١)
أي : ليست ذاته المقدسة في جهة من الجهات الست ولا في مكان من الأمكنة (لأن الجهات) الست (التي هي الفوق والتحت واليمين إلى آخرها) أي : والشمال والأمام والخلف (حادثة بإحداث الإنسان ونحوه مما يمشي على رجلين) كالطير ، (فإن معنى الفوق ما يحاذي رأسه من فوقه) أي : من جهة العلو وهي جهة السماء (والباقي ظاهر) وهو أن جهة السفل ما يحاذي رجله من جهة الأرض ، واليمين ما يحاذي أقوى يديه غالبا ، والشمال مقابلها ، والأمام ما يحاذي جهة الصدر التي يبصر منها ، ويتحرك إليها والوراء مقابلها (و) معنى الفوق (فيما يمشي على أربع أو على بطنه) أي : بالنسبة إليهما (ما يحاذي ظهره من فوقه) فقبل خلق العالم لم يكن فوق ولا تحت ، إذ لم يكن ثمّ حيوان فلم يكن ثم رأس ولا رجل ولا ظهر ، (ثم هي) أي : الجهات (اعتبارية) لا حقيقية لا تتبدل (فإن النملة إذا مشت على سقف كان الفوق بالنسبة إليها جهة الأرض ؛ لأنه المحاذي لظهرها ، ولو كان كل حادث مستديرا كالكرة لم توجد واحدة من هذه الجهات) لأنه لا رأس ولا رجل ولا يمين ولا شمال ولا ظهر ولا وجه (وقد كان تعالى) موجودا (في الأزل ولم يكن شيء من الموجودات) لأن كل شيء (٢) موجود سواه حادث كما مر دليله (فقد كان) تعالى (لا في جهة) لثبوت حدوث الجهة.
فهذا طريق الاستدلال ، وقد نبه على طريق ثان بقوله : (ولأن معنى
__________________
(١) الجهة : هي منتهى الحركة ، وهي والحيّز متلازمان في الوجود ، لأن كلّا منهما مقصد للمتحرك الأيني (أين) ، ولأن كل واحد منهما مقصد الإشارة الحسية ، فما يكون مختصا بجهة يكون مختصا بحيّز ، والجهة قسمان : حقيقة لا تتبدل وهي الفوق والتحت وإنما يتبدلان يتبدل جهة الرأس والرّجل ، وغير حقيقية وهي تتبدل بالعرض.
(٢) ليست في (م).