العزم) من الرسل (الربّ جلّ وعلا ما يستحيل عليه ، أرأيت المعتزلي) يا ذا البصيرة (أعلم بالله سبحانه من نبيه موسى؟!) عليه الصلاة والسلام (حيث علم) أي : المعتزلي (ما يجب لله ويستحيل عليه ما لا يعلمه نبيه وكليمه صلىاللهعليهوسلم) مع أن المقصود من بعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الدعوة إلى العقائد الحقّة والأعمال الصالحة.
وفي الإتيان بلفظ «نفس» تنصيص على أن الاستدلال بالآية من جهة سؤال الرؤية ، وهو يشير إلى أن في الآية دلالة من جهة أخرى هي أنها تضمنت تعليق الرؤية باستقرار الجبل وهو أمر ممكن ، فالرؤية المعلقة به أمر ممكن ، فيستدل بالآية من وجهين ، كما قرر في محله.
وقد علمت مما قررناه إلى هنا جملة ما استدل به المصنف كأصله على الوقوع وعلى الجواز نقلا.
(وأما) الاستدلال (عقلا ، فلأنه) أي : النظر إلى الرب تعالى أمر قد دلّ العقل على جوازه ، لأنه (غير مؤدّ إلى محال ، فوجب) لهذه الدلالة (أن لا يعدل عن الظاهر) أي : ظاهر لفظ النظر في قوله تعالى : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣)) (سورة القيامة : ٢٣) ((١) ولفظ الرؤية في الحديث (١)) (إذ العدول عنه) أي : عن الظاهر إنما يجوز (عند عدم إمكانه) لا مع إمكانه (وذلك) أي : كونه غير مؤد إلى محال (أن الرؤية) أي : لأن الرؤية (نوع كشف وعلم للمدرك) بصيغة اسم الفاعل (بالمرئي يخلقه الله تعالى) أي : يخلق هذا النوع من الكشف والعلم (عند مقابلة الحاسّة له) أي : للمرئي (بالعادة) أي : بحسب ما جرت به عادته تعالى (فجاز) عقلا (أن) تخرق هذه العادة ، بأن (يخلق هذا القدر من العلم بعينه من غير أن ينقص منه قدر من الإدراك) ، خلقا كائنا (من غير مقابلة) بين الباصرة والمرئي (بجهة) أي : في جهة (معها) أي : مع تلك المقابلة (مسافة خاصة) بين الحاسّة والمرئي الكائن في تلك الجهة ، (و) من غير (إحاطة بمجموع المرئي).
وقد أشار المصنف بقوله : «من غير أن ينقص منه قدر من الإدراك» إلى أن مسمى الرؤية هو الإدراك المشتمل على الزيادة على الإدراك الذي هو علم جلي كما قدمناه أول هذا الأصل ، إذ هو العلم الذي لا ينقص منه قدر من الإدراك.
__________________
(١) سقط من (م).