الله صلىاللهعليهوسلم بوجهه فقال : «أقيموا صفوفكم وتراصّوا ، فإني أراكم من وراء ظهري» ، وللنسائي أنه صلىاللهعليهوسلم كان يقول : «استووا استووا استووا ، فو الذي نفسي بيده إني لأراكم (١) من خلفي كما أراكم من بين يدي» (٢).
ففي إيراده بلفظ روي الدال على التمريض (٣) عند المحدثين مخالفة لقاعدتهم.
والأمر الثاني :
ما تضمنه قوله : (وكما أنا نرى السماء) أي : ومشبها رؤيتنا السماء ، فإنا نراها (ولا نحيط بها) فالجار والمجرور في محل نصب حال ثانية بناء على تعدد الحال مع واو العطف أو عطفا على الحال.
والأمر الثالث :
ما تضمنه قوله : (وكما يرانا الله) أي : وحال كون ذلك القدر من العلم المسمى بالرؤية مشبها في كونه دون مقابلة رؤية الله إيانا ، فإنه (تعالى يرانا من غير مقابلة في جهة باتفاقنا) نحن وأنتم معشر المعتزلة.
(والرؤية نسبة خاصة بين طرفي راء ومرئي) أي : بين راء ومرئي هما طرفاها أي : متعلقاها (فإن اقتضت (٤)) أي : فإن فرض أن تلك النسبة تقتضي (عقلا) أي : من جهة العقل ، بأن يحكم العقل باقتضائها (كون أحدهما) أي : أحد طرفيها (في جهة) باعتبار تعلقها ، بأن يفرض أن تعلقها لا يصح عقلا إلا كذلك (اقتضت كون) طرفها (الآخر كذلك) أي : في جهة لاشتراكهما في التعلق (فإذا ثبت) بوفاق الخصمين (عدم لزوم ذلك) أي : أنه لا يلزم عقلا توقف صحة التعلق على الكون في الجهة (في أحدهما) أي : أحد طرفيها (لزم في) الطرف (الآخر مثله) لاشتراكهما في التعلق ، فكان الثابت عقلا بوفاقهما نقيض ما فرض ، فثبت انتفاء ما
__________________
(١) في (م) : أراكم.
(٢) هذه رواية للبخاري في المناقب ، باب قصة البيعة ، رقم : (١٣٥٤) ، والنسائي في الإمامة (٢ / ٩١) برقم : (٨١٢).
(٣) التمريض عند المحدثين : هو أن يروي الراوي حديثا بصيغة روي عنه كذا ، أو بلغنا عنه كذا أو ورد أو نقل عنه كذا. وقد قال السيوطي في تدريب الراوي : ويقبح فيه صيغة التمريض ، انظر : منهج ذوي النظر شرح منظومة علم الأثر ، للتّمرسي ، ص ١١٧.
(٤) في (م) : انقضت. وكتب فوقها المصحح : كذا.