(الأصل العاشر)
(العلم بأنه تعالى واحد لا شريك له)
اعلم أن المصنف ذكر أولا أن الركن الأول ينحصر في عشرة أصول هي العلم بأمور عشرة ، ومقتضى التطبيق بين إجماله وتفصيله أن يصدّر كل أصل منها بلفظ «العلم» كما صنع حجة الاسلام ، ولعل اقتصار المصنف على الترجمة بالعلم في الأصل الأول والأصل العاشر دون الثمانية التي بينهما إيثارا للاختصار واعتمادا على التصريح بذلك في محل الإجمال مع الإشعار أولا وآخرا بأن المقصود العلم.
فإن قلت : لم أخّر المصنف ـ كأصله ـ التوحيد مع أنه المقصود الأهم الذي دعا إليه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟
قلت : لمّا كان التوحيد هو اعتقاد الوحدانية في الذات والصفات والأفعال ، وكان ما تقدم من الوجود والقدم وسائر ما عقد له الأصول السابقة أوصافا للباري سبحانه ، كل منها من متعلقات التوحيد اقتضى ذلك تقديمها ليعلم ما توحدت به ذاته تعالى عن سائر الذوات ؛ من الأزلية والأبدية والتعالي عن الجسمية والجوهرية والعرضية.
فإن قلت : فلم لم يقدم التوحيد على الكلام في الاستواء والرؤية؟
قلت : لأن الكلام (١) في ذلك تتمة للكلام على نفي الجسمية ونحوها.
واعلم أيضا أن الوحدة تطلق بمعنى انتفاء قبول الانقسام وبمعنى انتفاء الشبيه (٢) ، والباري تعالى واحد بكل من المعنيين أيضا ، أما الأول : فلتعاليه عن
__________________
(١) ليست في (ط).
(٢) في (ط) : الشيئية.