الأنبياء وهو معناه المشهور (١) ، أو المراد به من اعتقد حقية ملة نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم؟ الملائم لكلام المصنف رحمهالله هو الثاني (فأما الملّي فيلزمه القطع بوقوع فساد هذا النظام على التقدير) المشار إليه في الآية أي : تقدير تعدد الإله (إذ هو) يعني الملي (قاطع بأن الله تعالى أخبر بوقوعه مع التعدد) وما أخبر تعالى بوقوعه فهو واقع لا محالة لاستحالة الخلف في خبره تعالى. (وأما غيره) أي : غير الملي (فيلزمه ذلك أيضا) أي : يلزمه القطع بوقوع فساد هذا النظام بتقدير التعدد (جبرا) أي : من جهة الجبر أي : القهر له (بمحاجة ثبوت الملة) أي : كونها حقا ، فإن المعجزات الباهرة التي منها القرآن الكريم الباقي إعجازه على وجه الدهر أدلة قائمة على حقية الملة قاهرة للخصم لا يستطيع ردها ، (ثم ذاك) والإشارة إلى إخبار الله تعالى بوقوع الفساد (بتقدير التعدد.) أي : بالمحاجة بمجموع أمرين ثبوت الملة ، ثم إخبار الله تعالى بوقوع الفساد بتقدير التعدد الثابت بالملة.
وقوله : (أو علما) عطف على قوله : «جبرا» أي : القطع بوقوع الفساد بتقدير التعدد لا من جهة الجبر بل من جهة علم (توجبه العادة ، والعلوم العادية) يحصل بها القطع ، (كالعلم حال الغيبة عن جبل عهدناه حجرا أنه) أي : بأنه (حجر الآن) أي : حال غيبتنا عنه لم ينقلب ذهبا ، مثلا فهي أعني العلوم المستندة إلى العادة (داخلة في) مسمى (العلم المأخوذ فيه عدم احتمال النقيض ،) فقوله : «والعلوم» مبتدأ خبره قوله «داخلة» ، (ولذا) أي : ولدخول العلم العادي في مسمى العلم (أجيب عن إيراد خروجه) عن تعريف العلم بأنه صفة توجب لمحلها تمييزا لا يحتمل متعلمه نقيض ذلك التمييز فإنه قد أورد على تعريفهم العلم بذلك أنه غير منعكس ؛ لأنه يخرج عنه العلوم العادية ، وهي المستندة إلى العادة كالعلم بحجرية الجبل في المثال السابق ، (لاحتماله النقيض) لجواز خرق العادة (مع أنه) أي : العلم العادي (علم) أي : داخل في مسمى العلم ومعدود من أقسامه.
وقوله : (بأن الاحتمال) متعلق بقوله : «أجيب» أي : أجيب عن الإيراد المذكور بأن احتمال النقيض (فيه) أي : في العلم العادي (بمعنى أنه لو فرض
__________________
(١) الملي : من الملة : لغة : الطريقة ، ثم نقلت إلى معنى شرعي ليصبح معناها أصول الشرائع من حيث إن الأنبياء يعلّمونها ويسلكونها ، وبذلك لا تضاف إلا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم الذي تستند إليه ولا تكاد توجد مضافة إلى الله تعالى ، ولا إلى آحاد الأمة ، ولا تستعمل إلا في جملة الشرائع دون آحادها ، فلا يقال : ملة الله ، ولا ملتي ، ولا ملة زيد ، كما يقال دين الله وديني ، ودين زيد ، فالملي من اتبع عقيدة وأصولا شرعية جاء بها نبي الأنبياء.