الأصلان الأوّلان
وقد قرر المصنف ما تضمنه الأصلان الأولان بقوله : (لمّا ثبت وحدانيته في الألوهية) تعالى وتقدس (ثبت استناد كل الحوادث إليه) تعالى ، والألوهية : الاتصاف بالصفات التي لأجلها استحق أن يكون معبودا ، وهي صفاته التي توحد بها سبحانه فلا شريك له في شيء منها ، وتسمى «خواص الألوهية» ، ومنها الإيجاد من العدم ، وتدبير العالم ، والغنى المطلق عن الموجب والموجد في الذات ، وفي كل من الصفات ، فثبت افتقار الحوادث في وجودها إليه ، فكل حادث من السموات وحركاتها بكواكبها الثابتة وحركات كواكبها السيارة على النظام الذي لا اختلال فيه ، والأرضين وما فيها وما عليها من نبات وحيوان وجماد ، وما بينهما من السحاب المسخر ونحوه ، كل ذلك مستند في وجوده إلى الباري سبحانه ، (وهو) أي : الشأن أن هذه الحوادث (مشاهد) لنا : (منها : كمال الإحسان) في إيجادها ، من اتقان صنعتها وترتيب خلقها ، وما هديت إليه الحيوانات من مصالحها وأعطيته من الآلات لها ، على مقتضى الحكمة البالغة البارعة التي يطلع على طرف منها علم التشريح ومنافع خلقة الإنسان وأعضائه ، وقد كسّرت على ذلك مجلدات (ويستلزم ذلك) أي : استناد وجودها إليه تعالى وكمال الإحسان في إيجادها ، (قدرته تعالى) أي : ثبوت صفة القدرة له ، وهي صفة تؤثر على وفق الإرادة ، (و) يستلزم ذلك أيضا (علمه) تعالى (بما يفعله ويوجده) ، والعلم بهذا الاستلزام فيهما ضروري ؛ ولكن ينبه عليه بأن من رأى خطا حسنا يتضمن ألفاظا عذبة رشيقة تدل على معان دقيقة علم بالضرورة أن كاتبه المنشئ له عالم بتأليف الكلام والكتابة ، قادر عليهما ، (وينضمّ إلى هذا) أي : إلى ثبوت العلم له تعالى بدليله السابق (أنه) هو (الموجد لأفعال المخلوقات ،) كما سيأتي بيانه في الأصل الأول من