الأصل العاشر
وهو أن له تعالى صفات زائدة على ذاته
فقال : (ثمّ إنه) تعالى (سميع بسمع ، بصير بصفة تسمّى بصرا) وعبّر (١) في البصر خاصة بذلك دفعا لسبق الوهم إلى «العين» في إطلاق البصر (وكذا عليم بعلم ، وقدير بقدرة ، ومريد بإرادة) وحي بحياة ، خلافا للفلاسفة والشيعة في نفيهم الصفات الزائدة على الذات ، وإسنادهم ثمرات هذه الصفات إلى الذات ، وللمعتزلة في نفيهم زيادة صفة العلم وصفتي السمع والبصر ، وقولهم : عالم بذاته لا بصفة زائدة ، وسميع بذاته كذلك ، وبصير بذاته كذلك.
وإنما أثبتنا الصفات زائدة على مفهوم الذات (لأنّه تعالى أطلق على نفسه هذه الأسماء) في كتابه وعلى لسان نبيّه (خطابا لمن هو من أهل اللغة ، والمفهوم في اللغة من عليم : ذات له علم) ، ومن قدير : ذات له قدرة ، وكذا سائر الأوصاف المشتقّة تدل على ذات ووصف ثابت لتلك الذات ، (بل يستحيل عندهم) أي : عند أهل اللغة (عليم بلا علم ، كاستحالته) أي : كاستحالة علم (بلا معلوم) أو كاستحالة عليم بلا معلوم (فلا يجوز صرفه عنه) أي : عن معناه لغة (إلّا لقاطع عقليّ يوجب نفيه) أي : نفي معناه لغة (ولم يوجد فيه) أي : في إيجاب نفي المعنى اللغويّ (ما يصلح شبهة فضلا عن) وجود (دليل).
واعلم أنّا وإن أثبتنا الصفات زائدة على مفهوم الذات فلا نقول : «إنها غير الذات» ، كما لا (٢) نقول : «إنها عين الذات» ؛ لأن الغيرين هما المفهومان اللذان ينفكّ أحدهما عن الآخر في الوجود ، بحيث يتصوّر وجود أحدهما مع عدم
__________________
(١) في (م) : عرّف.
(٢) ليست في (ط).