وفي الآية الثالثة (١٤٦) يخبر تعالى أن علماء أهل الكتاب يعرفون أن الرسول حق وأن ما جاء به هو الحق معرفة تامة كمعرفتهم لأبنائهم ، ولكن فريقا كبيرا منهم يكتمون الحق وهم يعلمون أنه الحق ، وفي الآية الرابعة (١٤٧) يخبر تعالى رسوله بأن ما هو عليه من الدين الحق هو الحق الوارد إليه من ربه فلا ينبغي أن يكون من الشاكين (١) بحال من الأحوال.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ وجوب استقبال القبلة في الصلاة وفي أي مكان كان المصلي عليه أن يتجه (٢) إلى جهة مكة.
٢ ـ كفر كثير من أهل الكتاب كان على علم ايثارا للدنيا على الآخرة.
٣ ـ حرمة موافقة المسلمين أهل الكتاب على بدعة من بدعهم الدينية مهما كانت.
٤ ـ علماء أهل الكتاب المعاصرون للنبي صلىاللهعليهوسلم يعرفون أنه النبي المبشر به وأنه النبي الخاتم واعرضوا عن الايمان به وعن متابعته إيثارا للدنيا على الآخرة.
(وَلِكُلٍّ (٣) وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٤٨) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ (٤) الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا
__________________
(١) هذا تفسير قوله تعالى : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) يقال امترى. فلان في كذا إذا اعتراه اليقين مرة والشك مرة أخرى فدافع أحدهما بالآخر ومنه الإمتراء ، لأن كل واحد يشك في قول صاحبه والامتراء الشك.
(٢) روي عن ابن عباس أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «البيت قبلة لأهل المسجد ، والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي».
(٣) الوجهة : من المواجهة وهي والجهة والوجه كلها بمعنى واحد ، ومفعول مولّيها محذوف أي وجهه ، أو يكون موليها بمعنى متوليها وحينئذ فلا حذف ولا تقدير.
(٤) اختلف في الجهة التي كان الرسول صلىاللهعليهوسلم يستقبلها في مكة قبل الهجرة ، والراجح أنّه كان يجعل الكعبة أمامه وهو متجه إلى الشام ، بمعنى أنه يصلي بين الركنين اليمانيين ولما قدم المدينة صلى إلى بيت المقدس حتى حول إلى الكعبة ، وهل كان استقباله بيت المقدس باجتهاد منه أو بوحي ، الظاهر أنّه باجتهاد منه صلىاللهعليهوسلم.