اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ (١) شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٠) كَما أَرْسَلْنا (٢) فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي (٣) أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (١٥٢))
شرح الكلمات :
(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها) : التنوين في (كل) دال على محذوف ، هو لكل أهل ملة كالإسلام ، واليهودية والنصرانية قبلة يولون وجوههم لها في صلاتهم.
(الْخَيْراتِ) : البر والطاعة لله ورسوله.
الحجة : الدليل القوي الذي يظهر به صاحبه على من يخاصمه.
(نِعْمَتِي) : نعم الله كثيرة وأعظمها نعمة الاسلام وإتمامها بمواصلة التشريع والعمل به إلى نهاية الكمال ، وكان ذلك في حجة الوداع بعرفات حيث نزلت آية : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً).
__________________
(١) قال ابن كثير والقرطبي قبله استدل مالك بقول الله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أنّ المصلي ينظر أمامه لا إلى موضع سجوده كما هو مذهب الجمهور ، أبي حنيفة والشافعي وأحمد والذي أراه يحقق المطلوب من الآية هو أن ينظر المصلي أولا أمامه امتثالا لأمر الله تعالى ثم بعد ذلك ينظر إلى موضع سجوده.
(٢) الكاف في محل نصب على النعت لمصدر محذوف تقديره ولأتم نعمتي عليكم إتماما مثل ما أرسلنا وهو تشبيه نعمة استقلالكم في القبلة باستقلالكم في الرسالة.
(٣) أصل الذكر يكون بالقلب ، ولما كان القلب باطنا جعل اللفظ باللسان دليلا عليه ، فأصبح الذكر يطلق على ذكر اللسان وإن كان المطلوب هما معا أي ذكر القلب واللسان والجملة أمر وجواب فاذكروني أمر ، وأذكركم جواب وجزاء ، وذكر الله للعبد أعظم ، وقد ورد في فضل الذكر الكثير من الأحاديث منها : حديث ابن ماجه ونصّه : «أنّ رجلا قال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأنبئني منها بشيء أتشبث به قال : لا يزال لسانك رطبا بذكر الله».