سميع لأقوال عباده عليم بنياتهم وخفيات أعمالهم وسيجزي كلا بكسبه. ثم أخبر تعالى أنه ولي عباده المؤمنين فهو يخرجهم من ظلمات (١) الكفر والجهل إلى نور العلم والإيمان فيكملون ويسعدون ، وأن الكافرين أولياؤهم الطاغوت من شياطين الجن والإنس الذين حسنوا لهم الباطل والشرور ، وزيّنوا لهم الكفر والفسوق والعصيان ، فأخرجوهم بذلك من النور إلى الظلمات فأهّلوهم لدخول النار فكانوا أصحابها الخالدين فيها.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ لا يكره أهل الكتابين ومن في حكمهم كالمجوس والصابئة على الدخول (٢) في الإسلام إلا باختيارهم وتقبل منهم الجزية فيقرّون على دينهم.
٢ ـ الإسلام (٣) كلّه رشد ، وما عداه ضلال وباطل.
٣ ـ التخلي عن الرّذائل مقدّم على التحلي بالفضائل.
٤ ـ معنى لا إله إلا الله ، وهي الإيمان بالله والكفر بالطاغوت.
٥ ـ ولاية الله تعالى تنال بالإيمان والتقوى.
٦ ـ نصرة الله تعالى ورعايته لأوليائه دون أعدائه.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢٥٨))
__________________
(١) وحّد تعالى لفظ النور وجمع لفظ الظلمة ، لأنّ الحق واحد ، والكفر أجناس كثيرة وكلها باطلة.
(٢) هل هذه الآية : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) منسوخة بآية السيف؟ الراجح أنها محكمة غير منسوخة هل تؤخذ الجزية من غير أهل الكتاب ومن لهم شبهة كتاب؟ أما كفار قريش ، الإجماع على أن لا تؤخذ منهم الجزية. ومن عداهم مذهب مالك يرى أخذ الجزية منهم والإبقاء عليهم ولعلّ هذا إن دعت الضرورة إلى ذلك ، وما ذكرته في التفسير أصح المذاهب وأعدلها.
(٣) جاء في صحيح البخاري ما ملخصه : أن عبد الله بن سلام رأى رؤيا كأنه في دوحة خضراء وفي وسطها عمود حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عروة .. الحديث وفسر له النبي صلىاللهعليهوسلم : الروضة بالإسلام ، والعمود عمود الإسلام ، والعروة هي العروة الوثقى أي أنت على الإسلام حتى تموت. فكان مبشرا بالجنة رضي الله عنه.