شرح الكلمات :
(أَلَمْ تَرَ) : ألم ينته إلى علمك يا رسولنا ، والاستفهام يفيد التعجب من الطاغية المحاج لإبراهيم.
(حَاجَ) : جادل ومارى وخاصم.
(فِي رَبِّهِ) : في شأن ربه من وجوده تعالى وربوبيته وألوهيته للخلق كلهم.
(آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) (١) : أعطاه الحكم والسيادة على أهل بلاده وديار قومه.
(إِبْراهِيمَ) : هو أبو الأنبياء إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وكان هذا الحجاج قبل هجرة إبراهيم إلى أرض الشام.
(فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) : انقطع عن الحجّة متحيّرا مدهوشا ذاك الطاغية الكافر وهو النمرود البابلي.
معنى الآية الكريمة :
لما ذكر الله تعالى ولايته لأوليائه وأنه مؤيدهم وناصرهم ومخرجهم من الظلمات إلى النور ذكر مثالا لذلك وهو محاجة النمرود (٢) البابلي لإبراهيم عليهالسلام فقال تعالى مخاطبا رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أي ألم ينته إلى علمك حجاج ذاك الطاغية الذي بطرته نعمة الملك الذي آتيناه امتحانا له فكفر وادعى الربوبية وحاج خليلنا فبينا إنه لأمر عجب. إذ قال له إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت ، وأنت لا تحيي ولا تميت فقال أنا أحيي (٣) وأميت ، فرد عليه إبراهيم حجته قائلا : ربي يأتي بالشمس من المشرق فأت بها أنت من المغرب فاندهش وتحير وانقطع وأيد الله وليه إبراهيم فانتصر (٤) ، فهذا مثال لإخراج الله تعالى أولياءه من ظلمة الجهل إلى نور العلم.
__________________
(١) إذ هو ملك بابل وقيل إنّه أحد الأربعة الذين ملكوا المعمورة وهم مسلمان ، وكافران ، فالمسلمان سليمان ، وذو القرنين عليهماالسلام والكافران : النمرود ، وبختنصر عليهما لعائن الرحمن.
(٢) يقال له النمرود بن كوئتن بن كنعان بن سام بن نوح عليهالسلام ، وفي الآية دليل على جواز إطلاق اسم الملك على الحاكم الكافر ولمّا حارب الله تعالى أهلكه مع جيشه بالبعوض إذا فتح الله عليهم بابا من البعوض فأكلت الجيش فلم تتركه إلّا عظاما وأمّا النمرود فقد دخلت بعوضة في دماغه فصار يضرب على دماغه حتى هلك بذلك.
(٣) يريد أنّه يحيى من أراد حياته ويميت من أراد موته وهذا مجرّد تمويه وسفسطة فلذا عدل إبراهيم عنها وألزمه الحجة إن كان صادقا في دعواه بالإتيان بالشمس من المغرب كما يأتي بها الله من المشرق.
(٤) يذكر أهل التفسير هنا أن ابراهيم ذهب يمتار من عند الملك كغيره فجادله الملك ومنعه الميرة فعاد بلا شيء وفي اثناء طريقه وجد رملا أحمر فملأ منه غرارتين حتى لا يفاجىء أهله بالخيبة ولمّا وصل ونام قامت زوجته سارة ففتحت الغرارة فوجدتها دقيقا من أجود الدقيق الحوّارى.