(بَعْدَ مَوْتِها) : بعد خوائها وسقوطها على عروشها
(لَبِثْتَ) : مكثت وأقمت.
(لَمْ يَتَسَنَّهْ) (١) : لم يتغير بمر السنين عليه.
(آيَةً) : علامة على قدرة الله على بعث الناس أحياء يوم القيامة.
(نُنْشِزُها) : في قراءة ورش ننشرها بمعنى نحييها بعد موتها. وننشزها نرفعها ونجمعها لتكون حمارا كما كانت.
معنى الآية :
هذا مثل آخر معطوف على الأول الذي تجلت فيه على حقيقتها ولاية الله لإبراهيم حيث أيده بالحجة القاطعة ونصره على عدوه النمرود قال تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ) فارغة من سكانها ساقطة سقوفها على مبانيها فقال المارّ بها مستبعدا حياتها مرة ثانية : كيف يحيي الله هذه القرية بعد خرابها؟ فأماته الله مائة عام ثم أحياه ، وسأله : كم لبثت؟ قال : حسب عادة من نام في يوم واستيقظ فيه فإنه يرى أنه نام يوما أو بعض يوم. فأجابه مصوّبا له فهمه : بل لبثت مائة عام ، ولكي تقتنع بما أخبرت به فانظر إلى طعامك وكان سلة من تين ، وشرابك وكان عصيرا من عنب فإنه لم يتغير طعمه ولا لونه وقد مر عليه قرن من الزمن ، وانظر إلى حمارك فإنه هلك بمرور الزمن ولم يبق منه إلا عظامه تلوح بيضاء فهذا دليل قاطع على موته وفنائه لمرور مائة سنة عليه ، وانظر إلى العظام كيف نجمعها ونكسوها لحما فإذا هي حمارك الذي كنت تركبه من مائة سنة ونمت وتركته إلى جانبك يرتع ، وتجلت قدرة الله تعالى في عدم تغير الذي جرت العادة أنه يتغير في ظرف يوم واحد وهو سلة التين وشراب العصير. وفي تغير الذي جرت العادة أنه لا يتغير إلا في عشرات الأعوام ، وهو الحمار. كما هي ظاهرة في موت صاحبهما وحياته بعد لبثه على وجه الأرض ميتا لم يعثر عليه أحد طيلة مائة عام. وقال له الرب تبارك وتعالى بعد أن وقفه على مظاهر قدرته فعلنا هذا بك لنريك (٢) قدرتنا على إحياء القرية متى أردنا إحياءها ولنجعلك في قصتك هذه آية للناس ،
__________________
(١) مشتق من السنة لأنّ مرّ السنين يوجب التغيّر فتسنّه تغير بمر السنين عليه مثل تحجر الطين صار حجرا بمرور الأيام أو الساعات عليه
(٢) قوله تعالى : (وَلِنَجْعَلَكَ) قيل الواو مقحمة ، والأصل لنجعلك ، وعلى أصالة الواو وعدم إقحامها يكون المعنى ، أريناك ذلك لتعلم قدرتنا ولنجعلك آية للناس فالواو عاطفة إذا وهو وظيفتها أي العطف.