وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤))
شرح الكلمات :
السفر : الخروج من الدار والبلد ظاهرا بعيدا بمسافة أربعة برد فأكثر.
(وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً) : من يكتب لكم ، أو لم تجدوا أدوات الكتابة من دواة وقلم.
(فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) : فاعتاضوا عن الكتابة الرهن فليضع المدين رهنا لدى الدائن.
(فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) : فلا حاجة الى الرهن.
فليؤد المؤتمن أمانته : أي فليعط الدين الذي أوتمن عليه حيث تعذّرت الكتابة ولم يأخذ دائنه منه رهنا على دينه.
(آثِمٌ قَلْبُهُ) : لأن الكتمان من عمل القلب فنسب الإثم الى القلب.
(وَإِنْ تُبْدُوا) : تظهروا.
معنى الآيتين :
لما أمر تعالى بالاشهاد والكتابة في البيوع والسّلم والقروض في الآيات السّابقة أمر هنا ـ عند تعذّر الكتابة لعدم وجود كاتب أو أدوات الكتابة وذلك في السفر ـ أمر بالاستعاضة عن الكتابة بالرهن وذلك بأن يضع المدين رهنا لدى دائنه عوضا عن الكتابة يستوثق به دينه هذا في حال عدم ائتمانه ، والخوف منه ، وأمّا إن أمن بعضهم بعضا فلا بأس بعدم الارتهان فقال تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ (١) عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ (٢) ..) والرهان جمع رهن (٣). وقال (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) فلم تأخذوا رهانا (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ) في ذلك. ثم
__________________
(١) الرهن جائز بالكتاب وهذه الآية نصّ في الرهن في السفر وأمّا في الحضر فهو جائز بالسنة واجماع الأمّة فقد ثبت في الصحيحين أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم اشترى من يهودي طعاما فطلب اليهودي رهنا فرهنه درعه صلىاللهعليهوسلم فمات ودرعه مرهونة في ثلاثين صاعا من شعير.
(٢) قوله (مَقْبُوضَةٌ) دلّ على اشتراط القبض ولو بالوكالة ولو أن عدلا من الناس وضع الرهن تحت يده جاز إذ هو معنى القبض ، ويجوز رهن ما في الذمّة كأن يرهن المدين دينا له ثابتا في ذمة مالي معترف غير منكر لأن الاستيثاق يحصل بذلك.
(٣) أصل الرهن الدوام ، وشرعا : حبس عين في دين لاستيفاء الدين من العين أو من منافعها إذا عجز المدين عن التسديد ، ويجمع الرهن على رهان ، ورهن.