معنى الآيات :
مازالت الآيات تخبر عن المنافقين وتصف أحوالهم إذ أخبر تعالى عنهم في الآية الأولى
(١٤) أنهم لنفاقهم وخبثهم إذا لقوا الذين آمنوا في مكان ما أخبروهم بأنهم مؤمنون بالله والرسول وما جاء به من الدين ، وإذا انفردوا برؤسائهم في الفتنة والضلالة فلاموهم عما ادّعوه من الإيمان قالوا لهم إنا معكم على دينكم وما آمنا أبدا. وإنما أظهرنا الإيمان استهزاء وسخرية بمحمد وأصحابه.
كما أخبر في الآية الثانية (١٥) أنه تعالى يستهزىء بهم معاملة لهم بالمثل جزاء وفاقا ويزيدهم (١) حسب سنته في أن السيئة تلد سيئة في طغيانهم لتزداد حيرتهم واضطراب نفوسهم وضلال عقولهم. كما أخبر في الآية (١٦) أن أولئك البعداء في الضلال قد استبدلوا الايمان بالكفر والإخلاص بالنفاق فلذلك لا تربح تجارتهم (٢) ولا يهتدون الى سبيل ربح أو نجح محال.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ التنديد بالمنافقين والتحذير من سلوكهم في ملاقاتهم هذا بوجه وهذا بوجه آخر وفى الحديث : شراركم ذو الوجهين (٣).
٢ ـ إن من الناس (٤) شياطين يدعون الى الكفر والمعاصى (٥) ، ويأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف.
٣ ـ بيان نقم الله ، وانزالها بأعدائه عزوجل.
__________________
(١) تفسير لقوله تعالى ويمدهم إذ المدّ الزيادة يقال مدّه بكذا إذا زاده وقيل يستعمل أمدّ في الخير نحو : نمددكم بأموال وبنين ، ويستعمل مدّ في الشر كما في الآية : ويمدهم في طغيانهم يعمهون.
(٢) اسناد الربح إلى التجارة لكونها سببا للربح ، وإلا فالربح للتاجر لا للتجارة ، وهذا الاستعمال معروف في اللغة نحو قول الشاعر :
نهارك هائم وليلك نائم |
|
كذلك في الدنيا تعيش البهائم |
إذ أسند الهيام إلى النهار والنوم إلى الليل.
(٣) رواه البخاري ، ومسلم والشاهد منه في قوله صلىاللهعليهوسلم : «وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه».
(٤) شيطان الإنس كشيطان الجن ، إذ كل من بعد في الشرّ وتوغل فيه وأصبح لا يروم الخير ولا يحبه فهو شيطان يستعاذ بالله منه.
(٥) المعاصي : جمع معصية وهو ترك ما أوجب الله ورسوله القيام به أو فعل ما حرّم الله ورسوله فعله ، سواء في ذلك الاعتقاد ، والقول ، والعمل إذ الواجبات والمنهيات تكون في الاعتقاد والقول والعمل.