على الحق فيقولون : (.. رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ..) ترحمنا بها في دنيانا وأخرانا إنك أنت وحدك الوهاب ، لا إله غيرك ولا ربّ سواك ، ويقررون مبدأ المعاد والدار الآخرة فيقولون سائلين ضارعين (رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) لمحاسبتهم ومجازاتهم على أعمالهم فاغفر لنا وارحمنا يومئذ حيث آمنا بك وبرسولك وبكتابك محكم آيه ومتشابهه ، إنك لا تخلف الميعاد.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ في كتاب الله المحكم والمتشابه ، فالمحكم يجب الإيمان به والعمل بمقتضاه ، والمتشابه يجب الإيمان به ويفوض أمر تأويله إلى الله منزله ويقال : (.. آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا ..).
٢ ـ أهل الزيغ الذين يتبعون ما تشابه (١) يجب هجرانهم والإعراض عنهم لأنهم مبتدعة وأهل أهواء.
٣ ـ استحباب الدعاء بطلب النجاة عند ظهور الزّيغ ورؤية الفتن (٢) والضلال.
٤ ـ تقرير مبدأ المعاد والدار الآخرة.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (١١) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ
__________________
(١) قال أهل العلم : التشابه يكون حقيقيا وإضافيا فالحقيقي لا سبيل إلى فهم معناه وهو المراد من الآية (ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) والإضافي : ما اشتبه معناه لاحتياجه إلى طلب دليل آخر ، فإذا طلبه العالم وجده وهو كثير. منه قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) فهذا يبين معناه : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ).
(٢) روي أنّ أبا بكر الصديق رضي الله عنه أيام حروب الردّة كان يصلي المغرب فيقرأ بالفاتحة وسورة من قصار المفصل وفي الركعة الثالثة يقرأ بأم القرآن ويقرأ قوله تعالى سرّا : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) يقنت بها. كما روي عن عائشة أنها قالت : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا استيقظ من الليل قال : «لا إله إلّا أنت سبحانك استغفرك لذنبي ، وأسألك رحمتك ، اللهم زدني علما ، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب».