(لَما (١) آتَيْتُكُمْ) (٢) : مهما آتيتكم.
(لَتُؤْمِنُنَ) (٣) : لتصدقن برسالته.
(أَأَقْرَرْتُمْ) : الهمزة الأولى للاستفهام التقريري وأقررتم بمعنى اعترفتم.
(إِصْرِي) : عهدي وميثاقي.
(فَمَنْ تَوَلَّى) : رجع عما اعترف به وأقرّ.
(الْفاسِقُونَ) : الخارجون عن طاعة الله ورسوله.
(أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) : الاستفهام للإنكار ، ويبغون بمعنى يطلبون.
(وَلَهُ أَسْلَمَ) : انقاد وخضع لمجاري أقدار الله وأحكامه عليه.
معنى الآيات :
ما زال السياق في الرد على نصارى نجران فيقول تعالى لرسوله أذكر لهم ما أخذ الله على النّبيين وأممهم من ميثاق أنه مهما آتاهم من كتاب وحكمة ثم جاءهم رسول مصدق لما معهم من النور والهدى ليؤمننّ به ولينصرنه على أعدائه ومناوئيه من أهل الكفر وأنه تعالى قررهم فأقروا واعترفوا ثم استشهدهم على ذلك فشهدوا وشهد تعالى فقال : (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) ثم أكد تعالى ذلك مرة أخرى بأن من يعرض عن هذا الميثاق ولم يف به يعتبر فاسقا ويلقى جزاء الفاسقين فقال تعالى : (فَمَنْ تَوَلَّى (٤) بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ).
وقد نقض هذا الميثاق كلّ من اليهود والنصارى ، إذ لم يؤمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم وبما جاء به وقد أخذ عليهم الميثاق بالإيمان به ، وبنصره ، فكفروا به ، وخذلوه ، فكانوا بذلك الفاسقين المستوجبين لعذاب الله.
__________________
(١) قرأ نافع لما آتيناكم بنون العظمة وقرأ حفص (لَما آتَيْتُكُمْ) بتاء المتكلم ، وصيغة الميثاق هي (لَما آتَيْتُكُمْ) إلى قوله (وَلَتَنْصُرُنَّهُ).
(٢) قرأ أهل الكوفة لما آتيتكم بكسر لام لما أي : لأجل ما آتيتكم من كتاب الخ ، وتكون ما موصولة بمعنى الذي أي للذي آتيتكم. الخ.
(٣) روى ابن كثير عن علي وابن عباس رضي الله عنهم أنهما قالا : ما بعث الله نبيا من الأنبياء إلّا أخذ عليه الميثاق لئن بعث الله محمدا وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به وليصرنّه ، وهذا غير مناف لما قال قتادة وغيره أنّ الله أخذ من النبيين ميثاقهم أن يصدّق بعضهم بعضا.
(٤) التولي والفسق مستحيل في حق أنبياء الله ورسله ، ولذا فالمأخوذ عليهم العهد والميثاق هم أتباع الأنبياء والرسل ، وإنما قال ميثاق النبيين لأنهم هم المبلغون أممهم بما أخذ عليهم ويوضح هذا قوله (فَاشْهَدُوا) أي على أممكم.