زراعة فيبقى رأس المال والأكل يكون من الربح فقط كما أمرهم ان يقولوا لسفائهم الذين منعوهم المال أن يقولوا لهم قولا معروفا كالعدة الحسنة والكلمة الطيبة ، هذا ما تضمنته الآية الأولى أما الثانية (٦) فقد أمرهم تعالى باختبار (١) اليتامى إذا بلغوا سن الرشد أو ناهزوا البلوغ (٢) بأن يعطوهم شيئا من المال ويطلبوا منهم أن يبيعوا أو يشتروا فاذا وجدوا منهم حسن تصرف دفعوا اليهم أموالهم وأشهدوا عليهم ، حتى لا يقول أحدهم في يوم من الأيام ما أعطيتني مالى ، وكفى بالله حسيبا أي شاهدا ورقيبا حفيظا. ونهاهم عزوجل أن يأكلوا أموال اليتامى إسرافا وبدارا أن يكبروا ويريد لا تأكلوا أموال يتاماكم أيها الولاة والأوصياء (٣) بطريق الإسراف وهو الانفاق الزائد على قدر الحاجة ، والمبادرة هى المسارعة قبل أن يرشد السفيه وينقل إليه المال. ثم أرشدهم الى أقوم الطرق وأسدها في ذلك فقال ومن كان منكم غنيا فليكفّ عن مال اليتيم ولا يأكل منه شيئا ، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف وذلك بان يستقرض منه ثم يرده اليه بعد الميسرة ، وإن كان الولى فقيرا جاز له أن يعمل بأجر كسائر العمال ، وان كان غنيا فليعمل مجانا احتسابا وأجره على الله والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ مشروعية الحجر على السفيه لمصلحته.
٢ ـ استحباب تنمية الأموال في الأوجه الحلال لقرينة (وَارْزُقُوهُمْ فِيها).
٣ ـ وجوب اختبار السفيه قبل دفع ماله إليه ، إذ لا يدفع إليه المال الا بعد وجود الرشد.
٤ ـ وجوب الإشهاد على دفع المال الى اليتيم بعد بلوغه ورشده.
٥ ـ حرمة أكل مال اليتيم والسفيه مطلقا.
٦ ـ الوالى على اليتيم ان كان غنيا فلا يأكل من مال اليتيم شيئا ، وإن كان فقيرا استقرض ورد عند الوجد واليسار ، وان كان مال اليتيم يحتاج إلى أجير للعمل فيه جاز للولى ان يعمل بأجرة المثل.
__________________
(١) هذه الآية نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه ، وذلك أنّ رفاعة توفي وترك ابنه وهو صغير فأتى عم ثابت إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إنّ ابن أخي في حجري فما يحل لي من ماله متى أدفع إليه ماله؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(٢) يعرف البلوغ بالاحتلام وانبات شعر العانة أو بلوغ ثمانية عشر سنة. هذا للغلام ، أما الجارية فتزيد بعلامة أخرى هي الحيض والحمل.
(٣) العاجز عن الوصاية لجهل أو عدم قدرته أو ضعف إرادته ينبغي له أن لا يلي مال يتيم أو قاصر لقول الرسول صلىاللهعليهوسلم لأبي ذر «يا أبا ذر إني أراك ضعيفا ، وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرنّ على اثنين ولا تلينّ مال يتيم» رواه مسلم.