ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (١٣٧))
شرح الكلمات :
(قَوَّامِينَ) : جمع قوام : وهو كثير القيام بالعدل.
(بِالْقِسْطِ) : بالعدل وهو الاستقامة والتسوية بين الخصوم.
(شُهَداءَ) : جمع شهيد : بمعنى شاهد.
(الْهَوى) : ميل النفس إلى الشيء ورغبتها فيه.
(تَلْوُوا) : أي ألسنتكم باللفظ تحريفا له حتى لا تتم الشهادة على وجهها.
(تُعْرِضُوا) : تتركوا الشهادة أو بعض كلماتها ليبطل الحكم.
معنى الآيات :
قوله تعالى في هذه الآية (١٣٥) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) أي بالعدل (شُهَداءَ لِلَّهِ) إذ بشهادتكم ينتقل الحق من شخص إلى آخر حيث أقامكم الله ربكم شهداء له في الأرض تؤدى بواسطتكم الحقوق إلى أهلها ، وبناء على هذا فأقيموا الشهادة لله ولو شهادتكم على أنفسكم (١) أو والديكم أو أقرب الناس إليكم وسواء كان المشهود عليه غنيا أو فقيرا فلا يحملنكم غنى الغنى ولا فقر الفقير على تحريف الشهادة أو كتمانها ، فالله تعالى ربهما أولى بهما وهو يعطي ويمنع بشهادتكم فأقيموها وحسبكم ذلك واعلموا أنكم إن تلووا (٢) ألسنتكم بالشهادة تحريفا لها وخروجا بها عن أداء ما يترتب عليها أو تعرضوا عنها فتتركوها أو تتركوا بعض كلماتها فيفسد معناها ويبطل مفعولها فإن الله بعملكم ذلك وبغيره خبير وسوف يجزيكم به فيعاقبكم في الدنيا أو في الآخرة ألا فاحذروا.
هذه الآية الكريمة يدخل فيها دخولا أوليا من شهدوا لأبناء أبيرق بالإسلام والصلاح كما هي
__________________
(١) القاعدة العامة منذ عهد بعيد أنّ القريب لا يشهد لقريبه ولكن يشهد عليه فلا يشهد الأب لابنه ولا الابن لأبيه ، لوجود تهمة المحاباة للقرابة وكذا لا يجوز شهادة عدو على عدوه وهذا مذهب عامة الفقهاء ، وحتى الخادم في البيت لا يجوز شهادته لأهل البيت إذ قد يحابيهم لمنفعته.
(٢) وفسّر ابن عباس (تَلْوُوا) بقوله هو في الخصمين يجلسان بين يدي القاضى فيكون ليّ القاضي وإعراضه لأحدهما على الآخر ، فاللّي على هذا هو مطل الكلام وجره حتى يفوّت فصل القضاء وإنفاذه للذي يميل القاضي عليه. ويشهد لهذا الحديث : «ليّ الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته» ولا تنافي بين تفسير ابن عباس وما ذكرناه في التفسير.