فيستأصلونهم ، أو يذلونهم ويتحكمون فيهم.
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٤٢) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (١٤٣))
شرح الكلمات :
(يُخادِعُونَ اللهَ) : بإظهارهم ما يحب وهو الإيمان والطاعات ، وإخفائهم الكفر والمعاصي.
(وَهُوَ خادِعُهُمْ) : بالسّتر عليهم وعدم فضيحتهم ، وبعدم إنزال العقوبة بهم.
(يُراؤُنَ) : أي يظهرون الطاعات للمؤمنين كأنهم مؤمنون وما هم بمؤمنين.
(مُذَبْذَبِينَ) : أي يترددون بين المؤمنين والكافرين فأى جانب عز كانوا معه.
معنى الآيتين :
يخبر تعالى أن المنافقين في سلوكهم الخاص يخادعون الله تعالى بإظهارهم الإيمان به وبرسوله وهم غير مؤمنين إذ الخداع أن تري من تخادعه ما يحبه منك وتستر عليه ما يكرهه والله تعالى عاملهم بالمثل فهو تعالى أراهم ما يحبونه وستر عليهم ما يكرهونه منه وهو العذاب (١) المعد لهم عاجلا أو آجلا ، كما أخبر عنهم أنهم إذا قاموا إلى أداء الصلاة قاموا كسالى (٢) متباطئين لأنهم لا يؤمنون بالثواب الأخروى فلذا هم يراءون بالأعمال الصالحة المؤمنين حتى لا يتهمونهم بالكفر ، كما أنهم لا يذكرون الله تعالى إلا ذكرا قليلا في الصلاة (٣) وخارج الصلاة ،
__________________
(١) قال الحسن البصري في الآية : يعطي كل انسان من مؤمن ومنافق نورا يوم القيامة فيفرح المنافقون ويظنون أنهم قد نجوا فإذا جاءوا إلى الصراط طفىء نور كل منافق ، فسرّ به قوله تعالى : (وَهُوَ خادِعُهُمْ) وما ذكرناه في التفسير أولى وإن كان هذا حاصل لقوله تعالى : (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ).
(٢) شاهده من السنة قوله صلىاللهعليهوسلم في الصحيح : «إن أثقل صلاة على المنافقين العتمة ـ العشاء ـ والصبح لأنّ الصلاتين تقعان في الظلام ، ولأنّ العتمة يكون المرأ فيها تعبا مرهقا من أعمال النهار ، وأمّا الصبح فإنّ غلبة النوم أشد على العبد ، ولو لا الخوف من السيف ما شهدوا الصلاتين.»
(٣) روى مالك في الموطأ أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «تلك صلاة المنافقين ـ ثلاثا ـ يجلس أحدهم يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان أو على قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلّا قليلا» وقال صلىاللهعليهوسلم : «لا تجزىء صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود» صححه الترمذي.