والمجوس فقال : (وَلا تَأْكُلُوا (١) مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) (٢) وأخبر أن الأكل مما لم يذكر اسم الله تعالى عليه وهو ذبائح المشركين والمجوس فسق خروج عن طاعة الرب تعالى وهو مقتض للكفر لما فيه من الرضا بذكر اسم الآلهة التي تعبد من دون الله تعالى ، ثم أخبرهم تعالى بأن الشياطين وهم المردة من الجن يوحون إلى الأخباث من الإنس من أوليائهم الذين استجابوا لهم في عبادة الأوثان يوحون إليهم بمثل قولهم : كيف تحرمون ما قتل الله وتحلون ما قتلتم أنتم؟ ليجادلوكم بذلك ، ويحذر تعالى المؤمنين من طاعتهم وقبول وسواسهم فيقول (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ) فأكلتم ذبائحهم أو تركتم أكل ما ذبحتم أنتم وقد ذكرتم عليه اسم الله ، (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) (٣) لأنكم استجبتم لما تأمر به الشياطين تاركين ما يأمر به رب العالمين.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ حلّ الأكل من ذبائح المسلمين.
٢ ـ وجوب ذكر اسم الله على بهيمة الأنعام عند تذكيتها.
٣ ـ حرمة اتباع الأهواء ووجوب اتباع العلماء.
٤ ـ وجوب ترك الإثم ظاهرا كان أو باطنا وسواء كان من أعمال القلوب أو أعمال الجوارح.
٥ ـ حرمة الأكل من ذبائح المشركين والمجوس والملاحدة البلاشفة الشيوعيين.
٦ ـ اعتقاد حل طاعة الشياطين شرك والعياذ بالله تعالى.
(أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ
__________________
(١) روى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) قال : خاصمهم المشركون فقالوا : ما ذبح الله فلا تأكلوه ، وما ذبحتم أنتم أكلتموه فقال الله سبحانه (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ).
(٢) إن هذا اللفظ الوارد على سبب معين لا يمنع العموم إذ القاعدة الأصولية أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ومن هنا تعين معرفة ما يلي : أولا : وجوب التسمية عند الذبح والنحر. ثانيا : إن ترك المسلم التسمية سهوا أكلت ذبيحته ، ثالثا : إن تركها عمدا لم تؤكل ذبيحته ، رابعا : قال بعض الفقهاء ترك المسلم التسمية عمدا لا يحرم ذبيحته إلّا أن يكون تركها مستخفا بها.
(٣) الآية دليل على أن من استحل شيئا مما حرم الله تعالى صار به مشركا وقد حرّم الله سبحانه الميتة نصا فإذا قبل تحليلها من غيره فقد أشرك. وقال ابن العربي إنما يكون المؤمن بطاعة المشرك مشركا ـ إذا أطاعه في الاعتقاد. أما إن أطاعه في الفعل وعقيدته سليمة مستمر على التوحيد والتصديق فهو عاص غير كافر.