تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ)
(وَقاسَمَهُما) أي حلف لهما أنه ناصح (١) لهما وليس بغاش لهما ، (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) وخداع حتى أكلا (فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ ...) أي ظهرت لهما سوءاتهما (٢) حيث انحسر النور (٣) الذي كان يغطيهما ، فجعلا يشدان من ورق الجنة على أنفسهما ليستر عوراتهما ، وهو معنى قوله تعالى (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) وعندئذ ناداهما ربهما سبحانه وتعالى قائلا : ألم أنهكما عن هذه الشجرة وهو استفهام تأديب وتأنيب ، (وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) فكيف قبلتما نصحه وهو عدوكما.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ سلاح إبليس الذي يحارب به ابن آدم هو الوسوسة والتزيين لا غير.
٢ ـ تقرير عداوة الشيطان للإنسان.
٣ ـ النهي يقتضي التحريم إلا أن توجد قرينة تصرف عنه إلى الكراهة.
٤ ـ وجوب ستر العورة من الرجال والنساء سواء.
٥ ـ جواز الاقسام بالله تعالى ، ولكن لا يحلف إلا صادقا.
(قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣) قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٢٤) قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ (٢٥))
شرح الكلمات :
(ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) : أي بأكلهما من الشجرة.
(الْخاسِرِينَ) : الذين خسروا دخول الجنة والعيش فيها.
__________________
(١) قال قتادة : حلف لهما بالله أنه خلق قبلهما وأنه أعلم منهما وحلف أنه ناصح لهما فانغرا به ، على حد قول العلماء : من حدعنا بالله انخدعنا له.
(٢) سمي الفرجان سوأتين وعورة لأن السوءة مشتقة مما يسيء إلى النفس بالألم والعورة هي كل ما استحيي من كشفه.
(٣) روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : تقلّص النور الذي كان لباسهما فصار أظفارا في الأيدي والأرجل. والله أعلم.