(دَعَوَا اللهَ) أي آدم (١) وحواء ربهما تعالى أي سألاه قائلين (لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً) أي غلاما صالحا (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) أي لك. واستجاب الرب تعالى لهما وآتاهما صالحا. وقوله تعالى (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) حيث سمته حواء عبد الحارث بتغرير من إبليس ، إذ اقترح عليهما هذه التسمية ، وهي من الشرك الخفي المعفو عنه نحو لو لا الطبيب هلك فلان ، وقوله (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) عائد إلى كفار قريش الذين يشركون في عبادة الله أصنامهم وأوثانهم ، بدليل قوله بعد (أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً) أي من المخلوقات (وَهُمْ) أي الأوثان وعبادها (يُخْلَقُونَ ، وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً) إذا طلبوا منهم ذلك. (وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) لأنهم جمادات لا حياة بها ولا قدرة لها وقوله (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) أي وإن تدعوا أولئك الأصنام (إِلَى الْهُدى) وقد ضلوا الطريق (لا يَتَّبِعُوكُمْ) (٢) لأنهم لا يعقلون الرشد من الضلال ولذا فسواء عليكم (أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) أي لم تدعوهم فإنهم لا يتبعونكم ومن هذه حاله وهذا واقعه فهل يصح أن يعبد فتقرب له القرابين ويحلف به ، ويعكف عنده ، وينادى ويستغاث به؟؟ اللهم لا ، ولكن المشركين لا يعقلون.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان أصل خلق البشر وهو آدم وحواء عليهماالسلام.
٢ ـ بيان السر في كون الزوج من جنس الزوج وهو الألفة والأنس والتعاون.
٣ ـ بيان خداع إبليس وتضليله للإنسان حيث زين لحواء تسمية ولدها بعبد الحارث وهو عبد الله.
٤ ـ الشرك في التسمية (٣) شرك خفي معفو عنه وتركه أولى.
٥ ـ التنديد بالشرك والمشركين ، وبيان جهل المشركين وسفههم إذ يعبدون ما لا يسمع ولا يبصر ولا يجيب ولا يتبع.
__________________
(١) ما ذهبت إليه في التفسير هو ما ذهب إليه إمام المفسرين ابن جرير الطبري وهو مؤيد بقراءة تشركون بالتاء وبحديث خدعهما مرتين خدعهما فى الجنة وخدعهما فى الأرض وذهب آخرون إلى أن الكلام على جنس الآدميين تبينا لحال المشركين من ذرية ادم ودل على قولهم قراءة يشركون بالياء والله أعلم.
(٢) يقول بعضهم : اتبعه : إذا مشى وراءه ولم يدركه ، واتّبعه مشددا إذا مشى وراءه وأدركه.
(٣) نحو : عبد النبي ، وعبد الرسول ، وعبد الضيف كما قال حاتم الطائي :
وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا |
|
وما في إلّا تيك من شيمة العبد |