السَّماءِ) فنهلك بها ، ولا نرى محمدا ينتصر (١) دينه بيننا. (أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) حتى نتخلص من وجودنا. فقال تعالى (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ (٢) وَأَنْتَ فِيهِمْ) (٣) فوجودك بينهم أمان لهم (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) إذ كانوا إذا طافوا يقول بعضهم غفرانك ربنا غفرانك ، ثم قال تعالى (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أي أيّ شيء يصرف العذاب عنهم وهم يرتكبون أبشع جريمة وهي صدهم الناس عن دخول المسجد الحرام للطواف بالبيت الحرام ، فقد كانوا يمنعون المؤمنين من الطواف بالبيت والصلاة في المسجد الحرام. (٤) وقوله تعالى (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) رد على مزاعمهم بأنهم ولاة الحرم والقائمون عليه فلذا لهم أن يمنعوا من شاءوا ويأذنوا لمن شاءوا فقال تعالى ردا عليهم (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) أي أولياء المسجد الحرام ، كما لم يكونوا أيضا أولياء الله إنّما أولياء الله والمسجد الحرام المتقون الذين يتقون الشرك والمعاصي (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) هذا لجهل بعضهم وعناد آخرين. وقوله (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) إذ كان بعضهم إذا طافوا يصفقون ويصفرون كما يفعل بعض دعاة التصوف حيث يرقصون وهم يصفقون ويصفرون ويعدون هذا حضرة أولياء الله ، والعياذ بالله من الجهل والضلال وقوله تعالى (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) أذاقهموه يوم بدر إذ أذلهم فيه وأخزاهم وقتل رؤساءهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان ما كان عليه المشركون في مكة من بغض للحق وكراهية له حتى سألوا العذاب العام ولا يرون راية الحق تظهر ودين الله ينتصر.
__________________
(١) ذكر القرطبي الحكاية التالية قال : حكي أن ابن عباس لقيه يهودي فقال له من أنت؟ قال : من قريش. فقال أنت من القوم الذين قالوا : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ...) الآية فهلّا عليهم أن يقولوا : إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا له إنّ هؤلاء قوم يجهلون قال ابن عباس : وأنت يا اسرائيلي من القوم الذين لم تجف أرجلهم من بلل البحر الذي أغرق فيه فرعون وقومه ، وانجى موسى وقومه حتى قالوا : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) فقال لهم موسى (إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) فأطرق اليهودي ملجما.
(٢) روى مسلم أنه لما قال أبو جهل. اللهم إن كان هذا هو الحق .. الآية نزلت هذه الآية : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ).
(٣) دليله أنهم لما خرج من بينهم صلىاللهعليهوسلم عذبهم الله بالقتل في بدر وسني القحط الجدب.
(٤) أي انهم مستحقون العذاب ولكن لكل أجل كتاب فإذا حان أوانه عذّبوا.