(وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ). (١)
٦ ـ الصبر على مواصلة القتال والإعداد له وتوطين النفس واعدادها لذلك. (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
٧ ـ الإخلاص في القتال والخروج له لله تعالى فلا ينبغي أن يكون لأي اعتبار سوى مرضاة الله تعالى (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ) (٢) (خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).
هذه عوامل النصر وشروط الجهاد في سبيل الله. تضمنتها ثلاث آيات من هذه الآيات الخمس وقوله تعالى في الآية الرابعة (٤٨) (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ : لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) يذكّر تعالى المؤمنين بحادثة حدثت يوم بدر من أغرب الحوادث لتكون عبرة وموعظة للمؤمنين فيقول عزوجل واذكروا إذ زين الشيطان للمشركين الذين نهيتكم أن تتشبهوا بهم في سيرهم وقتالهم وفي كل حياتهم ، فقال لهم : أقدموا على قتال محمد والمؤمنين ، ولا ترهبوا ولا تخافوا إنه لا غالب لكم اليوم من الناس ، وإني جار لكم أي مجير لكم وناصر ومعين. وكان الشيطان في هذه الساعة فى صورة رجل من أشراف قبيلته يقال له سراقة بن مالك (٣) فلما تراءت الفئتان لبعضهما البعض وتقدموا للقتال رأى الشيطان جبريل في صفوف الملائكة ، فنكص على عقبيه ، وكان آخذا بيد الحارث بن هشام يحدثه يعده ويمنيه بعد ما زين لهم خوض المعركة وشجعهم على ذلك ، وولى هاربا فقال له الحارث : ما بك ما أصابك تعال فقال وهو هارب (إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ) يعني الملائكة (إِنِّي أَخافُ (٤) اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ)
__________________
(١) المراد بالريح هنا : القوة والنصر ، كما يقال : الريح لفلان إذا كان غالبا في أمره ومنه قول الشاعر :
إذا هبّت رياحك فاغتنمها |
|
فإنّ لكل خافتة سكون |
جملة : لكل خافتة سكون : خبر إن واسمها : ضمير شأن.
(٢) هم أبو جهل وأصحابه الخارجون يوم بدر لنصرة العير حيث خرجوا بالقينات والمغنيات والمعازف.
(٣) هو سراقة بن مالك بن جعشم من بني بكر بن كنانة ، وكانت قريش تخاف من بني بكر أن يأتوهم من ورائهم لأنهم قتلوا رجلا منهم فلّما تمثّل لهم الشيطان في صورة سراقة سكنوا لذلك
(٤) قيل : إن الشيطان خاف أن يكون يوم بدر هو اليوم الذي انظر إليه ، وقيل : كذب وهو كذوب.