وصدق وهو كذوب وقوله تعالى في نهاية الآية (٤٩) (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ) أي واذكروا أيها المؤمنون للعبرة والاتعاظ إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم (١) مرض أي ضعف في الإيمان وتخلخل في العقيدة : غر هؤلاء دينهم وإلا لما خرجوا لقتال قريش وهي تفوقهم عددا وعدة ، ومثل هذا الكلام يعتبر عاديا من ضعاف الإيمان والمنافقين المستترين بزيف إيمانهم ، فاذكروا هذا ، ولا يفت في اعضادكم مثل هذا الكلام ، وتوكلوا على الله واثقين في نصره فإنه ينصركم لأنه عزيز لا يغالب ولا يمانع في ما يريده أبدا. حكيم يضع النصر في المتأهلين له بالإيمان والصبر والطاعة له ولرسوله ، والإخلاص له في العمل والطاعة.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان أسباب النصر وعوامله ووجوب الأخذ بها في كل معركة وهي : الثبات وذكر الله تعالى ، وطاعة الله ورسوله وطاعة القيادة وترك النزاع والخلاف والصبر والإخلاص.
٢ ـ بيان عوامل الفشل والخيبة وهي النزاع والاختلاف والبطر والرياء والاغترار.
٣ ـ بيان عمل الشيطان في نفوس الكافرين بتزيينه لهم الحرب ووعده وتمنيته لهم.
٤ ـ بيان حال المنافقين وضعفة الإيمان عند وجود (٢) القتال ونشوب الحروب.
٥ ـ وجوب التوكل على الله والاعتماد عليه مهما كانت دعاوى المبطلين والمثبطين والمنهزمين.
(وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٥٠) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٥١)
__________________
(١) لقد اختلف في المراد بالمنافقين هنا ، وكذا الذين في قلوبهم مرض إذ يبعد أن يكون في المشركين منافقون ، كما يبعد أن يكون في أهل بدر منافقون ، والذي يبدو أنّه الراجح : أنّ القائلين هذه المقالة هم منافقون وضعفة إيمان بالمدينة لما رأوا خروج الرسول صلىاللهعليهوسلم وأصحابه إلى بدر قالوا هذه القولة القبيحة ويكون الظرف «إذ» متعلّق بشديد العقاب لا بزين».
(٢) لا يتعارض هذا القول مع ما رجحناه من أن القائلين هذه المقولة هم منافقون وضعاف إيمان بالمدينة ، إذ هذه الحال تنطبق عليهم.