شرح الكلمات :
(حَسْبُكَ اللهُ) (١) : أي كافيك الله كل ما يهمك من شأن أعدائك وغيرهم.
(وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) : أي الله حسبهم كذلك أي كافيهم ما يهمهم من أمر أعدائهم.
(حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) : أي حثهم على القتال مرغبا لهم مرهبا.
(صابِرُونَ) : أي على القتال فلا يضعفون ولا ينهزمون بل يثبتون ويقاتلون.
(لا يَفْقَهُونَ) : أي لا يعرفون أسرار القتال ونتائجه بعد فنونه وحذق أساليبه.
معنى الآيات :
ينادي الرب تبارك وتعالى رسوله بعنوان النبوة التي شرفه الله بها على سائر الناس فيقول (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) ويخبره بنعم الخبر مطمئنا إياه وأتباعه من المؤمنين بأنه كافيهم أمر أعدائهم فما عليهم إلا أن يقاتلوهم ما دام الله تعالى ناصرهم ومؤيدهم عليهم ، فيقول : (حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ثم يناديه ثانية قائلا (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) ليأمره بالأخذ بالأسباب الموجبة للنصر بإذن الله تعالى وهي تحريض المؤمنين على القتال وحثهم عليه وترغيبهم فيه فيقول (حَرِّضِ (٢) الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) ويخبره آمرا له ولأتباعه المؤمنين بأنه (إِنْ يَكُنْ) أي يوجد منهم في المعركة (عِشْرُونَ (٣) صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) ، وإن يكن منهم مائة صابرة يغلبوا ألفا من الكافرين ، ويعلل لذلك فيقول (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) أي لا يفقهون أسرار القتال وهي أن يعبد الله تعالى ويرفع الظلم من الأرض ويتخذ الله من المؤمنين شهداء فينزلهم منازل الشهداء عنده ، فالكافرون لا يفقهون هذا فلذا
__________________
(١) (حَسْبُكَ) خبر مقدم ولفظ الجلالة مبتدأ أي : الله حسبك بمعنى كافيك : (وَمَنِ اتَّبَعَكَ) يصح أن يكون في موضع نصب عطفا على الكاف في (حسبك) ، والصواب أنها في موضع رفع على الابتداء والخبر محذوف والتقدير : ومن اتبعك من المؤمنين حسبهم الله أيضا.
(٢) يقال : حرّضه على كذا : حثه وحضّه وحارض على الأمر وواظب وواصب وأكب بمعنى ، والحارض : الذي أشرف على الهلاك ومنه : (حتى تكون حرضا) أي : تذوب عمّا فتقارب الهلاك فتكون من الهالكين.
(٣) (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ ...) الخ لفظ مضمّن وعدا إلهيا مشروط بشرط الصبر ، إذ تقدير الكلام : إن يصبر منكم عشرون صابرون الخ.