(طُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) : أي توالت ذنوبهم على قلوبهم فأصبحت طابعا عليها فحجبتها المعرفة.
(لَهُمُ الْخَيْراتُ) : أي في الدنيا بالنصر والغنيمة. وفي الآخرة بالجنة والكرامة فيها.
(وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) : أي الفائزون بالسلامة من المخوف والظفر بالمحبوب.
(الْمُعَذِّرُونَ) : أي المعتذرون.
(وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ) : أي ولم يأت الى طلب الإذن بالقعود عن الجهاد منافقوا الأعراب.
معنى الآيات :
ما زال السياق في كشف عورات المنافقين وبيان أحوالهم فقال تعالى (وَإِذا أُنْزِلَتْ (١) سُورَةٌ) أي قطعة من القرآن آية أو آيات (أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجاهِدُوا مَعَ (٢) رَسُولِهِ) أي تأمر بالإيمان بالله والجهاد مع رسوله (اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ) (٣) أي من المنافقين (وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ) أي المتخلفين عن الجهاد للعجز كالمرضى والنساء والأطفال قال تعالى : في عيبهم وتأنيبهم (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) أي مع النساء وذلك لجبنهم وهزيمتهم النفسية وقوله تعالى (وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) أي طبع الله على قلوبهم بآثار ذنوبهم التي رانت على قلوبهم فلذا هم لا يفقهون معنى الكلام وإلا لما رضوا بوصمة العار وهي أن يكونوا في البيوت مع النساء هذه حال المنافقين وتلك فضائحهم إذا أنزلت سورة تأمر بالإيمان والجهاد يأتون في غير حياء ولا كرامة يستأذنون في البقاء مع النساء (لكِنِ (٤) الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ) ولم يستأذنوا ففازوا بكرامة الدنيا
__________________
(١) السورة. طائفة من آيات القرآن لها مبدأ ومختم ، والمراد بالسورة هنا : هذه السورة (التوبة) أو بعض آياتها الآمرة بالجهاد والإيمان.
(٢) (أَنْ آمِنُوا) أن : تفسيرية فسرت مضمون السورة وهو الإيمان والجهاد.
(٣) أي : في القعود والتخلف عن الجهاد وهم أصحاب القدرة على الجهاد لصحة أجسامهم وكثرة أموالهم أما العجزة فإنهم غير مأمورين بالجهاد ، والطول معناه : الغنى والقدرة المالية.
(٤) قوله : (لكِنِ) الخ استدراك بيّن فيه تعالى حال الرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين وأنها أكمل الأحوال بعد ذكر حال المنافقين وما هم عليه من صفات النقص إذ أخبر أنهم لجبنهم يطلبون القعود عن الجهاد وأنهم لما ران على قلوبهم من أوضار الكفر والفسق لا يفقهون الكلام ولا يعرفون ما يضرهم ولا ما ينفعهم بخلاف الرسول والمؤمنين فقد ذكر صفاتهم الكمالية ، وهي الجهاد بالمال والنفس وما فازوا به من عظيم الخيرات ، وما آلوا إليه من الفلاح وهو النجاة من المرهوب والظفر بالمحبوب.