عدد السنوات والشهور والأيام والساعات إذ حياتكم تحتاج إلى ذلك فهذا الرب القادر على هذا الخلق والتدبير هو المعبود الحق الذي يجب أن تعبدوه ولا تعبدوا سواه فهذا تقرير للتوحيد وتأكيد له. وقوله (ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ) أي لم يخلق هذه الحياة الدنيا وهذه العوالم فيها عبثا فتفنى وتبلى بعد حين ولا شيء وراء ذلك بل ما خلق ذلك إلا بالحق أي من أجل أن يأمر وينهى ثم يجزي المطيع بطاعته والعاصي بعصيانه وفي هذا تأكيد لقضية البعث والجزاء أيضا وقوله (يُفَصِّلُ الْآياتِ) أي هذا التفصيل المشاهد في هذا السياق (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) إذ هم الذين ينتفعون به أما الجهلة فلا ينتفعون بهذا التفصيل والبيان وقوله تعالى في الآية الأخيرة (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي بالطول والقصر والضياء والظلام (وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١) من أفلاك وكواكب ورياح وأمطار وما خلق في الأرض من إنسان وحيوان وبر وبحر وأنهار وأشجار وجبال ووهاد (لَآياتٍ) أي علامات واضحة دالة على الخالق المعبود بحق وعلى جلاله وجماله وكماله وعظيم قدرته وقوة سلطانه فيعبد لذلك بحبه غاية الحب وبتعظيمه غاية التعظيم وبرهبته والخشية منه غاية الرهبة والخشية ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر ويطاع فلا يعصى وقوله تعالى (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (٢) خص أهل التقوى بالآيات فيما ذكر من مظاهر خلقه وقدرته لأنهم هم الذين حقا يبصرون ذلك ويشاهدونه لصفاء أرواحهم وطهارة قلوبهم ونفوسهم أما أهل الشرك والمعاصي فهم في ظلمة لا يشاهدون معها شيئا والعياذ بالله.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير ألوهية الله تعالى وأنه الإله الحق.
٢ ـ تقرير عقيدة البعث والجزاء في الدار الآخرة.
٣ ـ بيان الحكمة في خلق الشمس والقمر وتقدير منازلهما.
٤ ـ مشروعية تعلم الحساب وعلم الفلك لما هو نافع للمسلمين.
__________________
(١) قوله : (وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) شمل الأجسام والأحوال معا أي : الذوات والصفات ، والأقوال والأعمال أيضا إذ قال تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ).
(٢) خصهم بالآيات لأنهم هم الذين ينتفعون بها أما أهل الشرك والفجور والمعاصي فلا ينتفعون بها فهي إذا ليست لهم بل هي لغيرهم ممن ينتفعون بها.