(قَرْيَةٌ آمَنَتْ) : أي أهل قرية آمنوا.
(يُونُسَ) : هو يونس بن متّى نبي الله ورسوله. (١)
(إِلى حِينٍ) : أي إلى وقت انقضاء آجالهم.
(أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ) : أي إنك لا تستطيع ذلك.
(إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) : أي بإرادته وقضائه.
(الرِّجْسَ) : أي العذاب
معنى الآيات :
بعد أن ذكر تعالى في الآيات السابقة أن الخسران لازم لمن كذب بآيات الله ، وأن الذين وجب لهم العذاب لإحاطة ذنوبهم بهم لا يؤمنون لفقدهم الاستعداد للإيمان ذكر هنا ما يحض به أهل مكة على الإيمان وعدم الإصرار على الكفر والتكذيب فقال : (فَلَوْ لا (٢) كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها) أي فهلا أهل قرية آمنوا فانتفعوا بإيمانهم فنجوا من العذاب اللازم لمن لم يؤمن أي لم لا يؤمنون وما المانع من إيمانهم وهذا توبيخ لهم. وقوله (إِلَّا قَوْمَ (٣) يُونُسَ (٤) لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فلم نهلكهم بعذاب استئصال وإبادة شاملة لأنهم لما رأوا أمارات العذاب بادروا إلى التوبة قبل نزوله بهم فكشف الله تعالى عنهم العذاب ، ومتعهم بالحياة إلى حين انقضاء آجالهم فما لأهل أم القرى لا يتوبون كما تاب أهل نينوى من أرض الموصل وهم قوم يونس عليهالسلام.
وقوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) يحمل دلالتين الأولى أن عرض الله تعالى الإيمان على أهل مكة وحضهم عليه وتوبيخهم على تركه لا ينبغي
__________________
(١) أحد أنبياء بني اسرائيل.
(٢) لو لا. حرف الأصل فيها أنها للتحضيض ، وهو طلب الفعل بحثّ ، ولكن إذا دخلت على ماض لم تصبح للتحضيض قطعا بل للتغليط والتنديم والتوبيخ ، وهي هنا لتغليط أهل مكة وتوبيخهم وتنديمهم على إصرارهم على الكفر وعدم توبتهم كما تاب قوم يونس حتى ينجوا من العذاب كما نجوا.
(٣) كان هؤلاء القوم خليطا من الأشوريين واليهود الذين كانوا في أسر ملوك بابل بعد بختنصر ، وكانت بعثة يونس عليهالسلام إليهم في بداية القرن الثامن قبل المسيح عليهالسلام.
(٤) إن قوم يونس كانوا بقرية تسمّى نينوي من أرض الموصل وكانوا يعبدون الأصنام ، أقام في قومه يدعوهم إلى التوحيد وترك الشرك تسع سنين فيئس من إيمانهم فتوعدهم بالعذاب وخرج من بين أظهرهم وتركهم فلمّا رأوا ذلك خافوا نزول العذاب بهم فجأروا الى الله تعالى بالاستغفار والدعاء والضراعة يا حي حين لا حي يا حى محيي الموتى يا حي لا إله إلا أنت ارفع عنا العذاب وقد ظهرت أماراته ، فكشف الله عنهم العذاب كما قال تعالى : (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ).