فى وعاأ أخيه : أي فى وعاء أخيه الموجود في رحله.
(كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) : أي يسرنا له هذا الكيد الذي توصل به إلى أمر محمود.
(فِي دِينِ الْمَلِكِ) : أي في شرعه إذ كان يضرب السارق ويغرم بمثل ما سرق.
(نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) : أي كما رفع يوسف عليهالسلام.
معنى الآيات :
ما زال السياق في الحديث عن يوسف وإخوته ، إنه لما أعلن عن سرقة صواع الملك وأوقفت القافلة للتفتيش ، وأعلن عن الجائزة لمن يأتي بالصواع وأنها مضمونة هنا قال إخوة يوسف ما أخبر تعالى به عنهم : (قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ) أي بالسرقة وغشيان الذنوب وإنما جئنا للميرة (١) (وَما كُنَّا سارِقِينَ) (٢) أي في يوم من الأيام. وهنا قال رجال الملك ردا على مقالتهم بما أخبر تعالى به : (قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ) فأجاب الإخوة بما أخبر تعالى عنهم بقوله : (قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) يريدون أن السارق يسترق أي يملك بالسرقة وقوله (كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) أي في شريعتنا. وهنا أخذ يوسف بنفسه يفتش أوعية إخوته بحثا عن الصواع ، وبدأ بأوعيتهم واحدا بعد واحد وآخر وعاء وعاء أخيه بنيامين دفعا للتهمة والتواطؤ في القضية ، حتى استخرجها من وعاء أخيه الذي كان في رحله ، هذا ما دل عليه قوله تعالى : (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ (٣) وِعاءِ أَخِيهِ) وقوله تعالى : (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) أي هكذا يسرنا (٤) له هذا الكيد الذي توصل به إلى أمر محمود غير مذموم. وقوله تعالى : (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) أي لم يكن في شرع مصر أن يأخذ أخاه عبدا بالسرقة بل السارق يضرب ويغرم فقط ، (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) أمرا فإنه يكون. وقوله
__________________
(١) الميرة : الطعام الذي يدّخره الإنسان.
(٢) إذ لو كانوا سارقين ما ردّوا البضاعة التي وضعت لهم في رحالهم من أجل أن يرجعوا إلى مصر ، فمن ردّ بضاعة بعد ما تمكن منها لا يكون سارقا.
(٣) الوعاء : ما يحفظ فيه الشيء ، وتضمّ واوه وتكسر ، والكسر أشهر قيل لمّا استخرج السقاية من وعاء بنيامين طأطأوا رؤوسهم حياء ، وقالوا لأخيهم بنيامين : ويلك يا بنيامين ما رأينا كاليوم قط.
(٤) قالت العلماء : يجوز للرجل أن يتصرف في ماله بالبيع والشراء والهبة والعطاء قبل حلول حول الزكاة ما لم ينو الفرار من الزكاة ، فإن حال الحول فلا يصح شيء إلا بعد إخراج الزكاة.