أخو إبراهيم عليهالسلام ، وإنما لما أرسل لوط إلى أهل هذه البلاد وسكن معهم قيل لهم أخوهم بحكم المعاشرة والمواطنة الحاصلة (أَلا تَتَّقُونَ) (١) يأمرهم بتقوى الله ويحضهم عليها لأنهم قائمون على عظائم الذنوب فخاف عليهم الهلاك فدعاهم إلى أسباب النجاة وهي تقوى الله تعالى بطاعته وترك معاصيه. وقال لهم (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) (٢) فلا تشكوا في رسالتي وأطيعون ، وإني غير سائلكم أجرا على تبليغ رسالتي إليكم إن أجري آخذه من رب العالمين الذي حملني هذه الرسالة وأمرني بإبلاغكم إياها وهنا أنكر عليهم أعظم منكر فقال موبخا مقرعا (أَتَأْتُونَ (٣) الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ) فترتكبون الفاحشة معهم (وَتَذَرُونَ) أي تتركون ما خلق الله لكم من أزواجكم (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ) (٤) أي متجاوزون الحدود (٥) التي رسمها الشرع والعقل والآدمية.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ جواز إطلاق أخوة الوطن دون الدين والنسب.
٢ ـ الأمانة من مستلزمات الرسالة ، إذ كل رسول يقول (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ).
٣ ـ سبيل نجاة الفرد والجماعة في تقوى الله تعالى وطاعة الرسول صلىاللهعليهوسلم.
٤ ـ وجوب إنكار المنكر وتقبيحه على فاعله لعله يرعوي.
٥ ـ أكبر فاحشة وقعت في الأرض هي فاحشة اللواط. والعياذ بالله تعالى.
(قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (١٦٧) قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ (١٦٨) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (١٦٩) فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠)
__________________
(١) الاستفهام للحض على التقوى وهو متضمن الإنكار والتوبيخ.
(٢) جملة : (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) تعليلية لأمره إيّاهم بالتقوى والطاعة.
(٣) الاستفهام للانكار والتوبيخ إذ كانوا يعملون الفاحشة مع الغرباء إذا نزلوا ديارهم بصورة عامة ومع بعضهم بعضا بصورة خاصة.
(٤) بل : للانتقال من الوعظ إلى التنديد وتسجيل أكبر العدوان عليهم إذ الجملة الأسمية (أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ) مبالغة في تحقيق نسبة العدوان إليهم وفي الإخبار بالجملة : (قَوْمٌ عادُونَ) إعلام بأن العدوان أصبح سجية فيهم وطبعا لهم.
(٥) العادي : من تجاوز حد الحق إلى الباطل ، والحلال إلى الحرام ، فالقوم قد أحلّ الله لهم فروج نسائهم بالنكاح الشرعي وحرّم عليهم إتيان الرجال في أدبارهم فتجاوزوا الحلال إلى الحرام فكانوا بذلك عادين.