أخبرنى هل يغني ذلك التمتع عنهم شيئا؟ (ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) أي لم يغن عنهم شيئا لا بدفع العذاب ولا بتأخيره ولا بتخفيفه.
وقوله تعالى (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) (١) كتلك القرى التي مر ذكرها في هذه السورة (إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) أي كان لها رسل ينذرون أهلها عقاب الله إن أصروا على الشرك والكفر والشر والفساد. وقوله (ذِكْرى) (٢) أي عظة لعلهم يتعظون. وقوله (وَما كُنَّا ظالِمِينَ) في إهلاك من أهلكنا بعد أن أنذرنا.
ونزل ردا على المشركين المجرمين الذين قالوا إن الشياطين يلقون القرآن على لسان محمد كما يأتون للكهان بأخبار السماء. (وَما تَنَزَّلَتْ (٣) بِهِ الشَّياطِينُ) كما يزعم المكذبون (وَما يَنْبَغِي لَهُمْ) أي للشياطين أي لا يصلح لهم ولا يتأتّى منهم ذلك لأنهم معزولون عن السمع ، أي سماع كلام الملائكة إذ أرصد الله تعالى شهبا حالت بينهم وبين السماع من السماء .. فلذا دعوى المشركين باطلة من أساسها.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان أن المجرمين إذا شاهدوا العذاب تمنوا التوبة ولا يمكنون منها.
٢ ـ بيان أن استعجال عذاب الله حمق ونزغ في الرأي وفساد في العقل.
٣ ـ بيان أن طول العمر وسعة الرزق لا يغنيان عن صاحبها شيئا من عذاب الله إذا نزل به.
٤ ـ بيان سنة الله تعالى في أنه لا يهلك أمة إلا بعد الإنذار والبيان.
٥ ـ إبطال مزاعم المشركين في أن القرآن من جنس ما يقوله الكهان ، وأن الشياطين تتنزل به.
(فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (٢١٣) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي
__________________
(١) (مِنْ قَرْيَةٍ) من : صلة أي زائدة لتقوية الكلام وتأكيده لأن زيادة المبنى تزيد في المعنى كذا يقال.
(٢) (ذِكْرى) : يصح إعرابها حالا ومصدرا وخبرا.
(٣) قرأ محمد بن السميقع : وما تنزلت به الشياطون وردّ عليه ولم يقبل منه ولعله نظر إلى أنّ الشيطان مشتق من شاط يشيط ، والصواب أنه من شطن لا من شاط.