شرح الكلمات :
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) : أي الجنة ، دار الأبرار.
(لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ) : أي بغيا ولا استطالة على الناس.
(وَلا فَساداً) : أي ولا يريدون فسادا بعمل المعاصي.
(وَالْعاقِبَةُ) : أي المحمودة في الدنيا والآخرة.
(لِلْمُتَّقِينَ) : الذين يتقون مساخط الله فلا يعتقدون ولا يقولون ولا يعملون ما لا يرضى به الله تعالى.
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) : أي يوم القيامة والحسنة : أثر طاعة الله تعالى يجزى به المؤمن.
(فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) : أي تضاعف له عشرة أضعاف.
(وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) : السيئة أثر معصية الله تعالى يعاقب به العبد إذا لم يعف الله تعالى عنه.
معنى الآيات :
لقد تقدم في السياق أن ثواب الله وهو الجنة خير لمن آمن وعمل صالحا فأشار إليه تعالى بقوله (تِلْكَ) (١) (الدَّارُ الْآخِرَةُ) التي هي الجنة إذ هي آخر دار يسكنها المتقون فلا يخرجون منها. نجعلها ، هذا هو الخبر عن قوله تلك الدار الآخرة فأخبر تعالى أنه يجعلها مأوى ومسكنا للذين لا يريدون (٢) علوا في الأرض ولا فسادا ، لا يريدون استطالة على الناس وتعاليا وتكبرا عليهم وبغيا ، ولا فسادا بارتكاب المعاصي كالقتل والزنا والسرقة وشرب الخمر ، وقوله تعالى : (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٣) أي والعاقبة المحمودة في الدارين لأهل الإيمان والتقوى وهم المؤمنون الذين يتقون مساخط الله عزوجل ، وذلك بفعل المأمورات واجتناب المنهيات. وقوله تعالى : (مَنْ جاءَ) أي يوم القيامة (بِالْحَسَنَةِ) وهي الطاعات لله ورسوله (فَلَهُ) جزاء مضاعفة الحسنة بعشر أمثالها وقد تضاعف إلى أكثر بشرط أن لا تكون حسنة أعطيت له من حسنات ظالم في الدنيا فهذه لا تتضاعف. إذ تضاعف الحسنة التي باشرها ، كما
__________________
(١) الجملة ابتدائية وهو بدء مشوق ، قرأ الفضل بن عياض هذه الاية ثم قال : ذهبت الأماني هاهنا أي : أماني الذين يزعمون أنه لا يضر مع الإيمان شيء وأن المؤمنين كلهم ناجون من العقاب.
(٢) روى سفيان بن عيينة أن عليا بن الحسين وهو راكب مرّ على مساكين يأكلون كسرا لهم فسلم عليهم فدعوه إلى طعامهم فتلا هذه الآية : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ ..) إلى (فَساداً) ثم نزل وأكل معهم.
(٣) الجملة تذييلية تقرر حقيقة أخرى وهي الإشارة بالتقوى والعاقبة المحمودة في الدارين لأهل التقوى.