(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) : أي ويوم تغلب الروم فارسا يفرح المؤمنون بنصر أهل الكتاب على المشركين عبدة النار ، وبنصرهم هم على المشركين في بدر.
(وَعْدَ اللهِ) : أي وعدهم الله تعالى وعدا وأنجزه لهم.
(لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ) : أي ليس من شأن الله خلف الوعد وذلك لكمال قدرته وعلمه.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) : كمال الله في قدرته وعلمه المستلزم لإنجاز وعده.
(يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) : أي لا يعلمون حقائق الإيمان وأسرار الشرع وإنما يعلمون ما ظهر من الحياة الدنيا كطلب المعاش من تجارة وزراعة وصناعة.
(وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) : أي عن الحياة الآخرة ، وما فيها من نعيم وجحيم وما يؤدي إلى ذلك من عقائد وأفعال وتروك.
معنى الآيات :
قوله تعالى : (الم) : أحسن أوجه التفسير لمثل هذه الحروف القول بأن الله أعلم بمراده به ، مع الإشارة إلى أنه أفاد فائدتين الأولى أن هذا القرآن المؤلف من مثل هذه الحروف المقطعة قد أعجز العرب على تأليف مثله فدل ذلك على أنه وحي الله وتنزيله ، وأن من نزل عليه نبي الله ورسوله وأن ما يحمل من تشريع هو حاجة البشرية ولا تصلح ولا تكمل ولا تسعد إلا به وعليه ، والثانية أنها لما كان المشركون يمنعون من سماع القرآن مخافة تأثيره على المستمع له جاء تعالى بمثل هذه الفواتح للعديد من سور كتابه فكانت تضطرهم إلى الاستماع إليه لأن هذه الحروف لم تكن معهودة في مخاطباتهم.
وقوله تعالى : (غُلِبَتِ الرُّومُ) (١) : أي غلبت فارس الروم في (أَدْنَى الْأَرْضِ) أي (٢) أرض الشام الأقرب إلى بلاد فارس وذلك في أرض الجزيرة الواقعة بين نهرى دجلة والفرات
__________________
(١) هذا الخبر المقصود منه لازم الفائدة ، إذ الله يعلم ذلك ، وإنما المراد نحن نعلم ذلك فلا يهنئكم أيها المشركون ذلك ولا تتطاولوا به على رسولنا وأوليائنا فإنا نعلم أنهم سيغلبون من غلبهم في بضع سنين لا يعد الغلب في مثله غلبا.
(٢) اختلف في أدنى الأرض هل هذا الإدناء إلى أرض الروم أو إلى أرض الفرس كما في التفسير أو أدنى الأرض إلى أرض الروم أو إلى أرض العرب ، وهذا الخلاف سببه الخلاف في تحديد موقع المعركة فإن كانت بالجزيرة فأدنى الأرض هو بالنسبة إلى أرض فارس وإن كانت الوقعة بالأردن فهي أقرب إلى أرض الروم وإن كانت الوقعة بأذرعات جنوب الشام فهي أقرب إلى ديار العرب الحجاز وما حوله والراجح الأول كما في التفسير.