القيامة أي يرد إليه حيث عم الكون الفناء ولم يبق ما يدبر في هذه الأرض لفنائها وفناء كل ما كان عليها. وقوله (ذلِكَ (١) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي ما غاب عن الناس وما حضر فشاهدوه أي العالم بكل شيء وقوله العزيز الرحيم : أي الغالب على مراده من خلقه الرحيم بالمؤمنين من عباده ، وقوله (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (٢) أي أحسن خلق كل مخلوق خلقه أي جوّد خلقه وأتقنه وحسنه. وقوله (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) أي وبدأ خلق آدم من طين وهو الإنسان الأول ، (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ) أي نسل الإنسان من (سُلالَةٍ) وهي العلقة (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) (٣) وهو النطفة ، وقوله (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) أي سوّى آدم ونفخ فيه من روحه ، كما سوى الإنسان في رحم أمه أي سوى خلقه ثم نفخ فيه من روحه فكان إنسانا حيا ، وقوله : (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) أي القلوب أي لتسمعوا وتبصروا وتفقهوا لحاجتكم إلى ذلك لأن حياتكم تتطلب منكم مثل ذلك ومع هذه النعم الجليلة (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) (٤) أي لا تشكرون إلّا شكرا قليلا.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١) بيان جلال الله وعظمته في تدبيره أمر الخلائق.
٢) بيان صفات الله تعالى من العلم والعزة والرحمة.
٣) بيان كيفية خلق الإنسان ومادة خلقه.
٤) شكر العباد ـ إن شكروا ـ لا يوازي نعم الله تعالى عليهم.
٥) وجوب شكر النعم بالاعتراف بها وذكرها وحمد الله تعالى عليها وصرفها في مرضاته.
(وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ (١٠) قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١١))
__________________
(١) ذلك اسم الإشارة عائد إلى اسم الجلالة أي ذلك الرب العظيم والإله الحكيم الذي خلق السموات والأرض وما بينهما المدبر للملكوت المتصرف في الموجودات هو عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم المستحق للعبادة والمحبة والخوف دون غيره من سائر المخلوقات.
(٢) قرأ نافع وحفص (خَلَقَهُ) بصيغة الماضي وقرأ بعض خلقه بإسكان اللام على أنه مصدر خلق يخلق خلقا وهو بدل اشتمال من كل شيء ومعنى أحسن أتقن وأحكم قال عكرمة : ليست أست القرد بحسنة ولكنها متقنة محكمة.
(٣) المهين الممتهن الذي لا يعبأ به.
(٤) وجائز أن يكون المراد عدم شكرهم مطلقا فهو كناية عن العدم توبيخا لهم وتأنيبا.