شرح الكلمات
(أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) : أي غبنا فيها حيث فنينا وصرنا ترابا.
(أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) : أي أنعود خلقا جديدا بعد فنائنا واختلاطنا بالتراب.
(بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) : أي لم يقف الأمر عند استبعادهم للبعث بل تعداه إلى كفرهم بلقاء ربهم ، وهو الذي جعلهم ينكرون البعث.
(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) : أي يقبض أرواحكم ملك الموت المكلف بقبض الأرواح.
(ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) : أي بعد الموت ، وما دمتم لا تمنعون أنفسكم من الموت سوف لا تمنعونها من الحياة فرجوعكم حتمي لا محالة.
معنى الآيتين
ما زال السياق في تقرير أصول العقيدة فأخبر تعالى عن منكري البعث فقال (وَقالُوا) (١) أي منكروا البعث الآخر (أَإِذا ضَلَلْنا فِي (٢) الْأَرْضِ) أي غبنا فيها بحيث صرنا ترابا فيها (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) أي لعائدون في خلق جديد. وهذا منهم انكار للبعث واستبعاد له ، فقال تعالى مخبرا عن علة انكارهم للبعث وهي أنهم بلقاء (٣) ربهم كافرون إذ لو كانوا يؤمنون بلقاء الله الذي وعدهم به لما أنكروا البعث والحياة لذلك ، وقوله تعالى (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ) أي قل يا رسولنا لهؤلاء المنكرين للبعث ولقاء الرب تعالى : يتوفاكم عند نهاية آجالكم (مَلَكُ الْمَوْتِ) (٤) الذي وكله ربّه بقبض أرواحكم ، (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) بعد ذلك وما دمتم لا تدفعون الموت عن أنفسكم فكيف تدفعون الحياة عند ما يريدها الله منكم؟ وهل دفعتموها عند ما كنتم عدما فأوجدكم الله وأحياكم.
هداية الآيتين :
من هداية الآيتين :
١) تقرير عقيدة البعث والجزاء.
__________________
(١) الجملة استئناف لحكاية عقيدتهم في إنكار البعث والجزاء ليعلل لها بالعلة المناسبة ثم يقرر عقيدة البعث التي أنكروها وتعجبوا من حقيقتها بما هو لازم لها.
(٢) الاستفهام للتعجب والاستبعاد ، والضلال الدخول في الأرض والغياب فيها إذ كل ما غاب في شيء ولم يظهر له وجود يقال ضل فيه كما يضل الماء في اللبن والميت في القبر قال الحارث الغساني شعرا :
فآب مضلوه بعين جلية |
|
وغودر وبالجولان حزم ونائل |
(مضلوه أي مغيبوه)
(٣) بل هم بلقاء ربهم كافرون ، بل للإضراب عن كلامهم أي ليس إنكارهم البعث لاستبعاده واستحالته لوجود الأدلة الواضحة على إمكانه بل وجوبه وإنما الباعث لهم على التكذيب به هو كفرهم التقليدي.
(٤) لم يرد اسم ملك الموت في القرآن غير أن أهل السنة على أن اسمه عزرائيل بمعنى عبد الله.