لا شيء إذا قوبل بالسموات والأرض فنحكم بأن من خلق السموات والأرض على عظمها قادر من باب أولى على خلق الإنسان مرة أخرى بعد موته وبلاه وفنائه. ولذا أجاب تعالى عن سؤاله بنفسه فقال (بَلى وَهُوَ (١) الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) أي الخلاق لكل ما أراد خلقه العليم بكل مخلوقاته لا يخفى عليه شيء منها ، وبرهان رابع في قوله (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ووجه الاستدلال أن من كان شأنه في إيجاد ما أراد إيجاده أن يقول له كن فهو يكون. لا يستنكر عليه عقلا أن يحيي الأموات بكلمة كونوا أحياء فيكونون كما طلب منهم.
وأخيرا ختم هذا الرد المقنع بتنزيه نفسه عن العجز فقال (فَسُبْحانَ (٢) الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) (٣) أي ملك كل شيء (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أحببتم أم كرهتم أيها الآدميون منكرين كنتم للبعث أم مقرين به مؤمنين.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير عقيدة البعث والجزاء بإيراد أربعة براهين قاطعة.
٢ ـ مشروعية استعمال العقليات في الحجج والمجادلة.
٣ ـ تنزيه الله تعالى عن العجز والنقص وعن الشريك والولد وسائر النقائص.
٤ ـ تقرير أن الله تعالى بيده وفي تصرفه وتحت قهره كل الملكوت فلذا لا يصح طلب شيء من غيره إذ هو المالك الحق وغيره لا ملك له.
__________________
(١) بلى لنقض النفي أي بل هو قادر على أن يخلق مثلهم كقوله أليس الله بأحكم الحاكمين؟ فالجواب بلى أي هو أحكم الحاكمين إبطال لما نفته ليس إذ هي حرف نفي.
(٢) (فَسُبْحانَ) : نزه الله سبحانه وتعالى نفسه عن الشرك والعجز والملكوت ، والملكوتى : بمعنى نحو جبروتى ورحموتى من الجبروت والرحموت والعرب تقول جبروتى خير من رحموتى.
(٣) الملكوت مبالغة في الملك بكسر الميم من ذلك قولهم رهبوت خير من رحموت أي ليرهبك الناس خير من أن يرحموك لأن مع الرهبة العزة ومع الرحمة الضعف والعجز.