(وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) : أي وحفظناها حفظا من كل شيطان مارد خارج عن الطاعة.
(لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) : أي لا يستمعون إلى الملائكة في السموات العلا.
(وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً) : يرمون بالشهب من كل جوانب السماء دحورا أي إبعادا لهم.
(عَذابٌ واصِبٌ) : أي دائم لا يفارقهم.
(إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ) : أي اختطف الكلمة من الملائكة بسرعة وهرب.
(فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) : أي كوكب مضيء ثاقب يثقبه أو يحرقه أو يخلبه أي يفسده.
معنى الآيات :
قوله تعالى (وَالصَّافَّاتِ (١) صَفًّا) هذا قسم إلهي يؤكد به تعالى إلهيته على عباده فقد أقسم بالصافات والزاجرات والتاليات ذكرا أي قرآنا ، وسواء قلنا أقسم بهذه المخلوقات إذ لله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه وإنما الممنوع أن يقسم العبد بغير ربّه تعالى. أو قلنا أقسم تعالى بنفسه أي وربّ الصافات الخ فالقسم حاصل من أجل تقرير التوحيد ، وهذا الإقسام جار على عرف البشر في أنهم إذا أخبروا بشيء يشكون في صحته فيؤكد لهم المخبر الخبر باليمين ليزيل الشك من نفوسهم. وقوله (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) (٢) هو المقسم عليه وهو أن إله البشرية كلها واحد وهو الله خالقها ورازقها وليس لها من إله غيره ، وما عندها من آلهة فهي آلهة باطلة ويكفي في بطلانها أنها أصنام وصور وتماثيل وصلبان لا تسمع ولا تبصر ، ولا تنفع ولا تضر. وقوله (رَبُّ السَّماواتِ (٣) وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ) تدليل على وحدانية الله تعالى إذ هو خالق السموات والأرض وما بينهما ومالكهما ومدبر الأمر فيهما ، وربّ المشارق أيضا والمغارب أي مشارق الشمس ومغاربها إذ كل يوم تشرق وتغرب في درجة معينة فإلاله الحق هو الخالق للعوالم والمدبر لها لا الذي ينحته الرجل بيده ويقول هو إلهي زورا وباطلا. ألا فليتحرر المشركون من أسر الشيطان ويعبدوا الرحمن. وقوله تعالى (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ (٤) الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) (٥) هذه مظاهر القدرة والعالم
__________________
(١) روى مسلم وغيره عنه صلىاللهعليهوسلم قال «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم؟ قلنا وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال صلىاللهعليهوسلم يتمون الصفوف المتقدمة ويتراصون في الصف.
(٢) هذا جواب القسم وهو المقسم عليه والصافات الملائكة تصف أجنحتها في السماء أو تصف للصلاة كما يصف المؤمنون للصلاة في الدنيا ، وجائز أن يراد بالصافات صفوف المؤمنين في الصلاة وفي الجهاد.
(٣) رب السموات والأرض خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو رب السموات الخ.
(٤) هذه الجملة بمثابة الدليل على ربوبية الله تعالى الموجبة للألهية له سبحانه وتعالى دون سواه.
(٥) قرأ الجمهور بزينة الكواكب بإضافة زينة إلى الكواكب وقرأ حفص بتنوين زينة وجر الكواكب على البدلية ومنهم من نصب الكواكب على الاختصاص والكواكب جمع كوكب وهي تلك الأجرام الكريّة السماوية ومنها الثوابت ومنها السيارة وهي كل ما يرى في السماء ما عدا الشمس والقمر وتسمى النجوم وهي تختلف في أحجامها.