(لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) : أي قولوا لا إله إلا الله ولا تعبدوا إلا الله يستكبرون ولا يقولون ولا يوحدون.
(لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) : يعنون محمد صلىاللهعليهوسلم.
(بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) : أي بل جاء بلا إله إلا الله وهو الحق الذي جاءت به الرسل وقد صدّقهم فيما جاءوا به من قبله وهو التوحيد.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم فيما ذكر تعالى من تساؤلات الظالمين وما قاله الأتباع للمتبوعين وما قاله المتبوعون للاتباع فقوله تعالى (فَحَقَّ عَلَيْنا (١) قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ) هذا قول المتبوعين لأتباعهم قالوا لهم فبسبب غوايتنا وضلالنا وجب علينا العذاب إنا وأنتم لذائقوه لا محالة. وقالوا لهم أيضا معترفين بإغوائهم لهم (فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) هذا قول الجن للإنس قال تعالى (فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) وذلك لاشتراكهم في الشرك والشر والفساد. وقوله تعالى (إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) من سائر الأصناف كالزناة وأكلة الربا وسافكي الدماء فنعذب الصنف مع صنفه وهذا عائد إلى قوله احشروا الذين ظلموا وأزواجهم أي أشياعهم وأضرابهم وقوله تعالى (إِنَّهُمْ (٢) كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) يخبر تعالى عن مشركي قريش أنهم كانوا في الدنيا إذا قال لهم رسول الله أو أحد المؤمنين قولوا لا إله إلا الله يستكبرون (٣) ويشمئزون ولا يقولونها بل (وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ (٤) مَجْنُونٍ) يعنون النبي محمدا صلىاللهعليهوسلم يصفون القرآن بالشعر ومحمدا صلىاللهعليهوسلم تاليه وقارئه بالشعر ولما يدعوهم إليه من الإيمان بالبعث والجزاء بالجنون والرسول في نظرهم مجنون. فرد تعالى عليهم بقوله (بَلْ جاءَ بِالْحَقِ) (٥) أي لم يمكن رسولنا بشاعر ولا مجنون بل جاء بالحق فأنكرتموه وكذبتم به تقليدا وعنادا فقلتم ما قلتم. وإنما هو قد جاء بالحق الذي هو لا إله إلا الله (وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) الذين جاءوا قبله بكلمة لا إله إلا الله والدعوة إليها والحياة والموت عليها.
__________________
(١) أي وجب علينا قول ربنا فكلنا ذائقوا العذاب شاهده قوله تعالى لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين وقول الرسول صلىاللهعليهوسلم إن الله عزوجل كتب للنار أهلا وللجنة أهلا لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم.
(٢) (إِنَّهُمْ كانُوا) : هذه الجملة تعليلية للحكم السابق وهو بيان العلة منه وفي الكلام حذف تقديره أنهم كانوا إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا الله فحذف القول للعلم به.
(٣) شاهده حديث ابن أبي حاتم قوله صلىاللهعليهوسلم «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه إلى الله» وهو في الصحيح بأوسع منه.
(٤) أي لقول شاعر فحذف القول لظهوره.
(٥) (بَلْ) للاضراب الانتقالي أي اضرب عن قولهم : شاعر مجنون الباطل وقد سبق الحق المبين وهو شهادة ألا إله إلا الله محمد رسول الله.