(وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) : أي ذاته ووجه سبحانه وتعالى.
(ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) : أي العظمة والإنعام على عباده عامة والمؤمنين بخاصة.
(يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : أي يسألونه حاجاتهم التى تتوقف عليها حياتهم من الرزق والقوة على العبادة. والمغفرة للذنب ، والعزة من الرب.
(كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) : أي كل وقت هو في شأن : شؤون يبديها وفق تقديره لها يرفع أقواما ويضع آخرين.
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) (١) : أي لحسابكم ومجازاتكم بعد انتهاء هذه الحياة الدنيا ونجزى كلا بما عمل.
(إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا) : أي إن قدرتم على أن تخرجوا.
(مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : أي من نواحى السموات والأرض.
(فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) : أي فاخرجوا. لا تنفذون إلا بقوة ولا قوة لكم وهذا تعجيز لهم.
(يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ) : أي من لهب النار الخالص الذى لا دخان فيه.
(وَنُحاسٌ :) أي دخان لا لهب فيه ، ولا يبعد أن يكون نحاسا مذابا.
(فَلا تَنْتَصِرانِ) : أي لا تمتنعان من السوق الى المحشر.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في ذكر أيادى الرحمن الرحيم قال عز من قائل (كُلُّ مَنْ عَلَيْها (٢) فانٍ) كل من على الأرض من إنسان وجان وذي روح وحيوان فان : هالك ، لا تبقى له روح ولا ذات ، (وَيَبْقى (٣) وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) حىّ لا يموت والإنس والجن يموتون (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما) (٤) (تُكَذِّبانِ) أبنعمة إيجادكما وإمدادكما بالأرزاق والخيرات طوال الحياة أم بنعمة انهاء أتعابكما وتكاليفكما أم بإهلاك أعدائكما ، وإدنائكما من النعيم المقيم في جنات النعيم ، قولوا خيرا لكم لا بشيء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد. وقوله (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٥)
__________________
(١) قيل في الإنس والجن : الثقلان لأنهما أثقلا وأتعبا بالتكاليف.
(٢) الضمير عائد إلى الأرض وإن لم يجر لها ذكر نحو (توارت بالحجاب). لأن المقام دال عليها.
(٣) أطلق لفظ الوجه وأريد به ذات الرب تعالى جريا على عرف العرب في كلامهم إذ يطلقون الوجه على الذات والوجه معا ، ومعنى (فان) أي : صائر إلى الفناء.
(٤) جائز أن يكون في الفناء نعمة لا تدرك فلذا صح إيراد جملة : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) وأي نعمة أعظم من انتهاء هذه الحياة بكل ما فيها للانتقال إلى الحياة الدائمة حيث الخلد والبقاء فهي لأهل السعادة نعمة توجب أعظم الشكر.
(٥) السؤال : الدعاء فالملائكة يسألونه تعالى أن يغفر للذين آمنوا وهو قولهم (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ ، رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ).