يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) وهو كذلك فمن ينصر من يريد هلاكه وخزيه وعذابه. ثم ذكر تعالى دعوة نوح التي كان الطوفان بها والهلاك وهي قوله (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) أي لا تترك ولا تبق على الأرض اليابسة كلها يومئذ من الكافرين بخلاف المؤمنين (دَيَّاراً) (١) أي إنسانا يدور أي يذهب ويجيء أي لا تبق من الكافرين أحدا ثم علل لطلبه الهلاك للكافرين فقال (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ (٢) يُضِلُّوا عِبادَكَ) عن صراطك الموصل إلى رضاك وذلك هو عبادتك وحدك وطاعتك وطاعة رسولك (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) (٣) أي إلا من يفجر عن دينك ويكفر بك وبرسولك قال نوح هذا لطول التجارب التي عاشها مع قومه إذ عاشرهم قرابة عشرة قرون ثم دعا الله تعالى له ولوالديه ولمن دخل مسجده ومصلاه من المؤمنين والمؤمنات ، وأن لا يزيد الظالمين إلا خسارا وهلاكا فقال (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ (٤) وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) (٥).
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ هلاك قوم نوح كان بخطاياهم فالخطايا إذا موجبة للهلاك.
٢ ـ تقرير عذاب القبر فقوم نوح ما إن اغرقوا حتى ادخلوا نارا.
٣ ـ مشروعية الدعاء على الظلمة والكافرين والمجرمين.
٤ ـ مشروعية الدعاء للمؤمنين والمؤمنات.
٥ ـ يستحب البدء في الدعاء بنفس الداعي ثم يعطف من يدعو لهم.
سورة الجن
مكية وآياتها ثمان وعشرون آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(قُلْ أُوحِيَ (٦) إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً
__________________
(١) ديار : اسم مخصوص بالوقوع في النفي يعم كل إنسان وهو مشتق من اسم الدار.
(٢) (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ) : الجملة تعليلية.
(٣) يريد عند بلوغ الولد سن التكليف لا أنه يفجر ويكفر بمجرد ما يولد وصيغة فعال للمبالغة في الموصوف بالكفر.
(٤) اسم أبيه لمك واسم أمه شمخى بنت آنوس.
(٥) التبار : الهلاك والخسران.
(٦) قرأ نافع بكسر إن في كل ما ورد في سورة الجن ما عدا أنه استمع نفر من الجن وأن المساجد لله ففتح أن وفتحها حفص إلا بعد القول وفإن له نار جهنم.