الشرك والمعاصي.
(فِي رَحْمَتِهِ) : أي الجنة.
(أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) : أي في النار والأليم ذو الألم الموجع.
معنى الآيات :
لقد عرض المشركون على رسول الله صلىاللهعليهوسلم عرضا مفاده أن يترك دعوة الله تعالى إلى عبادته وتوحيده ويعبد ربه وحده ويترك المشركين فيما هم فيه وله مقابل ذلك مال أو أزواج أو رئاسة وما إلى ذلك فأبى الله تعالى له ذلك وأنزل قوله (إِنَّا نَحْنُ) (١) (نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً فَاصْبِرْ (٢) لِحُكْمِ رَبِّكَ) على تحمل رسالتك وتبليغها إلى الناس (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ) أي من مشركي قريش (آثِماً) كأبي جهل وعتبة بن ربيعة (أَوْ كَفُوراً) كالوليد بن المغيرة أي لا تطعهما فيما طلبا إليك وعرضا عليك ، وواصل دعوتك واستعن بالصلاة والتسبيح والذكر والدعاء ، وفي قوله تعالى (بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٣) إشارة إلى صلاة الصبح والظهر والعصر ، وفي قوله (وَمِنَ (٤) اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) إشارة إلى صلاة المغرب والعشاء ، وقوله (وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً) صريح في انه التهجد إذ الصلاة نعم العون للعبد ولذا كان صلىاللهعليهوسلم إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة وقوله تعالى (إِنَّ هؤُلاءِ (٥) يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) أي الدنيا يعني بهم كفار قريش يحبون الدنيا وسميت بالعاجلة لأنها ذاهبة مسرعة ، (وَيَذَرُونَ (٦) وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً) هو يوم القيامة فلم يؤمنوا ولم يعملوا بما يسعدهم فيه ويذكرهم تعالى بأنه خالقهم وقادر على تبديلهم بغيرهم فيقول (نَحْنُ خَلَقْناهُمْ) أي أوجدناهم من العدم (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) (٧) أي قوينا ظهورهم وأعضاءهم ومفاصلهم (وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً) أي جعلنا أمثالهم في
__________________
(١) (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا) : أي ما افتريته ولا جئت به من عندك ولا من تلقاء نفسك كما يقول المشركون.
(٢) الفاء هي الفصيحة إذ هي واقعة في جواب شرط مقدر أي إذا كان الأمر ما علمت وهي ردهم دعوتك ومطالبتهم بتركها والتخلي عنها مقابل عارض من الدنيا فاصبر لحكم ربك فيهم ولا تطع منهم آثما أو كفورا واستعن بالصبر والصلاة.
(٣) الأصيل جمعه الأصائل والأصل كقولك سفائن وسفن قال الشاعر :
ولا بأس منها إذا دنا الأصل
وقال آخر في الأصائل وهو جمع الجمع :
لعمري لأنت البيت أكرم أهله |
|
وأقعد في أفيائه بالأصائل |
(٤) (مِنَ اللَّيْلِ) : من للتبعيض أي من بعض الليل لا كله.
(٥) الجملة تحمل التوبيخ والتقريع لأهل مكة لحبهم العاجلة وتركهم الآخرة.
(٦) جائز أن يكون وراءهم بمعنى بين أيديهم ولما لم يعملوا له كانوا كالتاركين له وراءهم غير ملتفتين إليه.
(٧) الأسر : الخلق يقال شديد الأسر أي الخلق والمراد بالخلق الأوصال والمفاصل وفقار الظهر ومن ذلك الشرج فإنه إذا خرج البول أو الغائط تقبض الموضع ولو لا هذا التماسك لبقي البول سائلا والعذرة متناثرة.