توطئة
في تاريخ الفكر الإسلاميّ نجد انقساما بيّنا بعد وفاة النبيّ (ص) بين مدرستين متعارضتين ، مدرسة السّلطة الحاكمة بعد الرسول حتى آخر الخلفاء العثمانيين ، ومدرسة أئمة أهل البيت (ع) حتّى الإمام الثاني عشر (١). ولم يزل الخلاف قائما بين خرّيجي المدرستين وأتباعهما من المسلمين ، ولا يزال كذلك حتّى عصرنا الحاضر ، وإلى ما شاء الله.
وفي ما يلي من هذا البحث نسمّي المدرسة الأولى بمدرسة الخلفاء والأخرى بمدرسة أهل البيت. ونبدأ بذكر منشأ الخلاف بينهما ، ثمّ نورد أمثلة من وجوه الخلاف ، إن شاء الله تعالى.
منشأ الخلاف :
تتّفق المدرستان في القرآن الكريم ، وتلتزمان بما أحلّه وحرّمه وفرضه
__________________
(١) إنّما حدّدنا مدرسة السلطة الحاكمة بآخر الخلفاء العثمانيّين ، ومدرسة أهل البيت بالإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت ، لأنّ مدرسة الخلفاء تلتزم بشرعية حكومة الخلفاء بعد النبيّ وتسمّيهم بخلفاء النبيّ ، وتلتزم مدرسة أهل البيت بأحقيّة الأئمة الاثني عشر في الحكم وتسمّيهم أوصياء النبي. ولهذا سمّينا الأولى بمدرسة الخلفاء. والثانية بمدرسة أهل البيت.