ينبغي لنا قبل الشّروع في دراسة رأي المدرستين في الإمامة والخلافة ، أن ندرس الواقع التاريخيّ لإقامة الخلافة في صدر الإسلام ، فنقول :
بدئ الخلاف في أمر الحكم في الإسلام يوم وفاة رسول الله (ص). فقد كان رسول الله (ص) عقد لواء بيده لمولاه وابن مولاه أسامة بن زيد لحرب الرّوم ، وأمّره على جيش لم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا انتدب فيه ، فيهم أبو بكر ، وعمر بن الخطاب ، وأبو عبيدة ، وسعد بن أبي وقّاص ، وسعيد بن زيد .... فعسكر بالجرف ـ موضع على ثلاثة أميال من المدينة ـ فتكلّم قوم وقالوا : يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأوّلين! فغضب رسول الله (ص) غضبا شديدا ، وخرج معصبا ، عليه قطيفة ، فصعد المنبر وقال :
«ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة؟ ولقد طعنتم في إمارة أبيه قبله. وأيم الله إن كان للإمارة خليقا ، وإنّ ابنه من بعده لخليق للإمارة». ثمّ نزل. وجاءه الّذين يخرجون مع أسامة يودّعونه ويمضون إلى المعسكر. وثقل رسول الله (ص) ، وجعل يقول :
«أنفذوا بعث أسامة».