ـ ١ ـ
توطئة
شرع الله للإنسان ، بمقتضى ربوبيّته ، من الدّين ما ينظم حياته ويسعده ويوصله إلى درجة الكمال الإنسانيّ ، وهداه بواسطة أنبيائه إليه وسمّاه الإسلام (١). كما سنّ لجميع مخلوقاته أنظمة تتناسب وفطرتهم وتوصلهم إلى درجة الكمال في وجودهم ، وهداهم إلى السّير بموجبها إلهاميّا أو تسخيريّا (٢).
وكان النّوع الإنسانيّ كلّما توفّي رسول من رسل الله في أمّة منه ، قام أصحاب الطّول والسّلطان من تلك الأمّة بتحريف ما يخالف هوى أنفسهم من شريعة نبيّهم أو كتمانه ، ثمّ ينسبون ما لديهم من الشّريعة المحرّفة إلى الله
__________________
(١) قال الله سبحانه وتعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) آل عمران / ١٩. وقال : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) آل عمران / ٨٥.
(٢) قال الله سبحانه وتعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) الأعلى / ١ ـ ٥.
وقال : (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) طه / ٥٠.
وقال سبحانه : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً ...) النحل / ٦٨.
وقال سبحانه : (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ) الأعراف / ٥٤.