ولم يبق حول رسول الله إلّا أقاربه ، وهم تولّوا غسله وتكفينه وهم : عليّ ، والعبّاس ، وابناه الفضل وقثم ، وأسامة بن زيد ، وصالح مولى رسول الله ، وأوس بن خولي الأنصاري (١٢).
السقيفة برواية الخليفة عمر
قال : إنّه كان من خبرنا حين توفّى الله نبيّه ، أنّ الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة ، وخالف عنّا عليّ والزبير ومن معهما ، فقلت لأبي بكر : انطلق بنا إلى إخواننا الأنصار. فانطلقنا حتّى أتيناهم ، فإذا رجل مزمّل ، فقالوا : هذا سعد بن عبادة يوعك ، فلمّا جلسنا قليلا ، تشهّد خطيبهم فأثنى على الله ، ثمّ قال : أمّا بعد ، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام ، وأنتم معشر المهاجرين رهط .... فأردت أن أتكلّم ، فقال أبو بكر : على رسلك. فتكلّم هو ، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلّا قال في بديهته مثلها أو أفضل ؛ قال : ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ، ولن يعرف هذا الأمر إلّا لهذا الحيّ من قريش ، هم أوسط العرب نسبا ودارا ، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيّهما شئتم. فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة ، فلم أكره ممّا قال غيرها ، فقال قائل من الأنصار : أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجب ، منّا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش. فكثر اللّغط وارتفعت الأصوات ، حتّى فرقت من الاختلاف فقلت : أبسط يدك يا أبا بكر. فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ، ثمّ بايعته الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة ـ إلى قوله ـ فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الّذي بايعه ، تغرة أن يقتلا (١٣).
__________________
(١٢) راجع النصّ لابن سعد في الطبقات ٢ / ق ٢ / ٧٠. وفي البدء والتاريخ قريب منه. وكنز العمال ٤ / ٥٤ و ٦٠ ، وهذه عبارته : (ولي دفنه وإجنانه أربعة من الناس) ثم ذكر ما أوردناه. والعقد الفريد ٣ / ٦١. وقريب منه نصّ الذهبي في تاريخه ١ / ٣٢١ و ٣٢٤ و ٣٢٦.
(١٣) صحيح البخاري ، كتاب الحدود ، باب رجم الحبلى من الزّنا ، ٤ / ١٢٠.