روى الطبري (١٤) في ذكر خبر السّقيفة وبيعة أبي بكر وقال :
اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، وتركوا جنازة الرّسول يغسله أهله ، فقالوا : نولّي هذا الأمر بعد محمّد ، سعد بن عبادة. وأخرجوا سعدا إليهم وهو مريض ...
فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر سابقة الأنصار في الدين وفضيلتهم في الإسلام ، وإعزازهم للنبي وأصحابه وجهادهم لأعدائه ، حتّى استقامت العرب ، وتوفّي الرسول وهو عنهم راض ، وقال : استبدّوا بهذا الأمر دون النّاس. فأجابوه بأجمعهم أن قد وفّقت في الرأي ، وأصبت في القول ، ولن نعدو ما رأيت ، نولّيك هذا الأمر. ثمّ إنهم ترادّوا الكلام بينهم ، فقالوا : فإن أبت مهاجرة قريش فقالوا : نحن المهاجرون وصحابة رسول الله الأوّلون ، ونحن عشيرته وأولياؤه ، فعلام تنازعوننا هذا الأمر بعده؟ فقالت طائفة منهم : فإنّا نقول إذا : منّا أمير ومنكم أمير. فقال سعد بن عبادة : هذا أوّل الوهن (١٥).
سمع أبو بكر وعمر بذلك ، فأسرعا إلى السّقيفة مع أبي عبيدة بن الجرّاح وانحاز معهم أسيد بن حضير (١٦) وعويم بن ساعدة (١٧) وعاصم بن
__________________
(١٤) نقلنا هذا الخبر ملخصا من تاريخ الطبري في ذكره حوادث بعد وفاة الرسول ، وما كان من غير الطبري أشرنا إليه في الهامش. وقد أوردنا تفصيل الخبر في كتاب عبد الله بن سبأ الجزء ١.
(١٥) الطبري في ذكره لحوادث سنة ١١ ه ، ٢ / ٤٥٦ ، وط. أوربا ١ / ١٨٣٨ ، عن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي عمرة الأنصاري. وابن الاثير ٢ / ١٢٥. وتاريخ الخلفاء لابن قتيبة ١ / ٥ ، قريب منه. وأبو بكر الجوهري في كتابه السقيفة في الجزء الثاني من شرح ابن أبي الحديد في خطبة (ومن كلام له في معنى الأنصار).
(١٦) ورد اسمه في سيرة ابن هشام ٤ / ٣٣٥ ، وأسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن الحرث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأشهلي ، شهد العقبة الثانية وكان ممّن ثبت في أحد ، وشهد جميع مشاهد النبيّ ، وكان أبو بكر لا يقدم أحدا من الأنصار عليه. توفي سنة ٢٠ أو ٢١ ه فحمل عمر نعشه بنفسه. روى عنه أصحاب الصحاح ١٨ حديثا. ترجمته في الاستيعاب ١ / ٣١ ـ ٣٣. والإصابة ١ / ٦٤. وجوامع السيرة ص ٢٨٣.
(١٧) عويم بن ساعدة بن عائش بن قيس بن النعمان بن زيد بن أمية بن مالك بن عوف بن ـ