(ما هو إلا أن رأيت أسلم فأيقنت بالنصر) (٣٦).
فلمّا بويع أبو بكر أقبلت الجماعة الّتي بايعته تزفّه زفّا إلى مسجد رسول الله (ص) فصعد على المنبر ـ منبر رسول الله (ص) ـ فبايعه الناس حتّى أمسى ، وشغلوا عن دفن رسول الله حتى كانت ليلة الثلاثاء (٣٧).
البيعة العامّة
ولما بويع أبو بكر في السّقيفة وكان في الغد ، جلس أبو بكر على المنبر ، فقام عمر فتكلّم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه ... ، وذكر أنّ قوله بالأمس لم يكن من كتاب الله ولا عهدا من رسوله ولكنّه كان يرى أن الرسول سيدبّر أمرهم ويكون آخرهم. ثمّ قال :
وإنّ الله قد أبقى فيكم كتابه الّذي به هدى رسوله. فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له. وإنّ الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله (ص) ثاني اثنين إذ هما في الغار ؛ فقوموا فبايعوه.
فبايع الناس أبا بكر بيعته العامّة بعد بيعة السّقيفة.
وفي البخاري : (وكان طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة ، وكانت بيعة أبي بكر العامّة على المنبر). قال أنس بن مالك : (سمعت عمر يقول لأبي بكر يومئذ : اصعد المنبر. فلم يزل به حتّى صعد المنبر فبايعه الناس عامّة).
ثم تكلّم أبو بكر ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :
(أمّا بعد ، أيّها النّاس ، فإنّي قد ولّت عليكم ، ولست بخيركم ، فإن
__________________
(٣٦) الطبري ٢ / ٤٥٨ ، وط. أوربا ، ١ / ١٨٤٣. وفي رواية ابن الأثير ٢ / ٢٢٤ : (وجاءت أسلم فبايعت). وقال الزبير بن بكار في الموفّقيات برواية النهج ٦ / ٢٨٧. «فقوي بهم أبو بكر» ولم يعيّنا متى جاءت أسلم ، ويقوى الظنّ أن يكون ذلك يوم الثلاثاء. وقال المفيد في كتابه «الجمل» : إنّ القبيلة كانت قد جاءت لتمتار من المدينة ، (الجمل ص ٤٣).
(٣٧) الموفّقيات ص ٥٧٨. والرياض النضرة ١ / ١٦٤. وتاريخ الخميس ١ / ١٨٨.