وأبيّ بن كعب (٥٣) ، فأرسل أبو بكر إلى عمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح ، والمغيرة بن شعبة
فقال : ما الرأي؟
قالوا (٥٤) : الرأي أن تلقى العبّاس بن عبد المطّلب فتجعل له في هذا الأمر نصيبا يكون له ولعقبه من بعده فتقطعون به ناحية عليّ بن أبي طالب (وتكون لكما حجّة) (٥٥) على عليّ إذا مال معكم.
فانطلق أبو بكر ، وعمر ، وأبو عبيدة بن الجراح ، والمغيرة ، حتّى دخلوا على العباس ليلا (٥٦) ، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ثمّ قال :
إنّ الله بعث محمّدا نبيّا وللمؤمنين وليّا. فمنّ عليهم بكونه بين أظهرهم حتّى اختار له ما عنده ، فخلّى على الناس أمورهم (٥٧) ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم مشفقين (٥٨). فاختاروني عليهم واليا ولأمورهم راعيا. فوليت ذلك وما أخاف بعون الله وتسديده وهنا ، ولا حيرة ، ولا جبنا ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكّلت وإليه أنيب. وما انفكّ يبلغني عن طاعن بقول الخلاف على عامّة المسلمين يتّخذكم لجأ ، فتكونوا حصنه المنيع ، وخطبه البديع ، فإمّا دخلتم مع الناس فيما اجتمعوا عليه ، وإمّا صرفتموهم عمّا مالوا إليه. ولقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك
__________________
(٥٣) أبيّ بن كعب بن قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النّجار : وهو تيم اللات بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأكبر. شهد العقبة الثانية وبايع النبيّ فيها وشهد بدرا وما بعدها ، وكان من كتّاب النبيّ. مات في آخر خلافة عمر أو صدر خلافة عثمان. الاستيعاب ١ / ٢٧ ـ ٣٠. والإصابة ١ / ٣١ ـ ٣٢.
(٥٤) في نصّ الجوهري أنّ قائل هذا الرأي هو المغيرة بن شعبة ، وهذا هو الأقرب إلى الصواب.
(٥٥) هذه الزيادة في نسخة الإمامة والسياسة ١ / ١٤.
(٥٦) في رواية ابن أبي الحديد أن ذلك كان في الليلة الثانية بعد وفاة النبيّ.
(٥٧) إن ضمير (هم) موجود في رواية ابن أبي الحديد.
(٥٨) في نسخة الإمامة والسياسة وابن أبي الحديد ١ / ٧٤ : (متفقين) وهو الأشبه بالصواب.