ويكون لمن بعدك من عقبك ، إذ كنت عمّ رسول الله ، وإن كان الناس قد رأوا مكانك ومكان صاحبك (فعدلوا الأمر عنكم) (٥٩) على رسلكم بني هاشم فإنّ رسول الله منّا ومنكم.
فقال عمر بن الخطاب : وأخرى إنّا لم نأتكم لحاجة إليكم ، ولكن كرها أن يكون الطعن في ما اجتمع عليه المسلمون منكم فيتفاقم الخطب بكم وبهم ، فانظروا لأنفسكم!
فحمد العبّاس الله وأثنى عليه وقال : إنّ الله بعث محمّدا كما وصفت نبيّا ، وللمؤمنين وليّا ، فمنّ على أمّته به ، حتّى قبضه الله إليه واختار له ما عنده ، فخلّى على المسلمين أمورهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين الحقّ لا مائلين بزيغ الهوى. فإن كنت برسول الله طلبت ، فحقّنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين أخذت فنحن منهم. فما تقدّمنا في أمرك فرطا ، ولا حللنا وسطا ، ولا برحنا سخطا ، وإن كان هذا الأمر وجب لك بالمؤمنين ، فما وجب إذ كنّا كارهين. ما أبعد قولك من أنّهم طعنوا عليك من قولك أنّهم اختاروك ومالوا إليك ؛ وما أبعد تسميتك خليفة رسول الله من قولك خلّى على الناس أمورهم ليختاروا فاختاروك. فأمّا ما قلت : إنك تجعله لي ، فإن كان حقّا للمؤمنين فليس لك أن تحكم (٦٠) فيه ، وإن كان لنا فلم نرض ببعضه دون بعض وعلى رسلك ، فإنّ رسول الله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها. فخرجوا من عنده.
التّحصن بدار فاطمة (ع)
قال عمر بن الخطّاب : (وإنّه كان من خبرنا حين توفّى الله نبيّه أنّ عليّا
__________________
(٥٩) الزيادة في نسخة ابن أبي الحديد والإمامة والسياسة.
(٦٠) في نسخة الجوهري والإمامة والسياسة : فإن يكن حقّا لك فلا حاجة لنا فيه.